كتبت لينا البيطار: هي مضامين لافتة تشكّل أولويات ملحّة وردت في خطاب القسم الذي ألقاه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بعد أداء اليمين الدستورية أمام نواب الأمة، ومن هذه المضامين الواردة عبارة “التدخّل في القضاء ممنوع ولا حصانات لمجرم أو فاسد، وعهدي هو التعاون مع الحكومة الجديدة لإقرار قانون إستقلالية القضاء”، فهل ينجح الرئيس الرابع عشر للجمهورية في تحقيق هذا الوعد المستعصي على كل رؤساء الجمهوريات الذين تعاقبوا على سدّة الرئيس؟
كثرٌ لا يعرفون أن مشروع قانون إستقلالية القضاء المكوّن من 169 مادة ينامُ “قرير العين” منذ العام 2018 في أدراج البرلمان تحت ذريعة ” قيد المعالجة” من قبل اللجان النيابية المختصة، وهي حجة واهية للتغطية التدخّل السافر في القضاء الذي هو إحدى السلطات الثلاث التي تحكم لبنان والتي لها الكيان المستقيل،أو من المفترض ذلك وفق المادة 104/ الفقرة (ب) من الدستور التي تنصُّ على أن ” لا سلطة لأي جهة على القاضي في قضائه ولا يجوز بأي حال التدخّل في سير العدالة وأن القانون يكفلُ استقلال القضاء ويبيّن ضمانات القضاة والأحكام الصادرة عنهم”.
من حيث الشكل، الكلام جميلٌ عن استقلال القضاء لكن من هي التطبيق فالقضاء “مستتبَع” في غالبيته للسلطة السياسية، علماً أنه لا يجوز التعميم إذ إن هناك قضاة، على قلّتهم، يحاولون على قدر المستطاع الخروج من ” حلبات” التصارع بين القوى السياسية التي تعمل على تعزيز قوة تدخّلها في عمل القضاء.
قد لا يتذكّر كثرٌ أن آخر مرسوم للمناقلات والتشكليات القضائية الذي حمل الرقم 1570 صدر بتاريخ 10 تشرين الأول 2017 حين كان مستشار القصر الجمهوري سليم جريصاتي وزيراً للعدل، وهو الذي جاهرَ في أكثر من مقابلة تلفزيونية وإعلامية بأن ” تدخّله ضروري في مراقبة عمل القضاء ضماناً لحسن الأداء القضائي”، وهو بالفعل المسار الذي اعتمده طيلة توليه حقيبة العدل، والأمثلة كثيرة على هذا التدخّل المباشر في عمل النيابات العامة، علماً أن المادة 66 من الدستور تنيط بوزير العدل مهمة الإشراف على حسن سير المسار القضائي لا التدخّل فيه.
اذا كانت السلطة القضائية هي أحدى ركائز النظام السياسي في لبنان الذي نطمح اليه، فلا بدّ من أن يكون مشروع قانون إستقلالية القضاء ضمن قائمة “hot files” كمدماكٍ إصلاحي “إذا أردنا أن نبني وطناً” على ما قاله فخامة الرئيس جوزاف عون.