كتب أنطوان سلمون:
كأن اللبنانيين لم يكفِهم ما جرّه الحزب من ويلات وحروب وخسائر وجروح وندوب لم تطب بعد ولم تندمل والتي يبدو انها لن تعوّض او ترمم في وقت قريب، حتى يطلّ الحزب عشية انتهاء مهلة الانسحاب الاسرائيلي مهدداً الدولة اللبنانية والجيش اللبناني قبل الاسرائيلي باستعمال ورقة الأهالي مرة أخرى حيث لم ولا ولن يجرؤ الحزب على ما تبيّن في ما اعتبره مسؤولوه مئات الاعتداءات والخروقات لاتفاق وقف اطلاق النار الذي وقّع عليه الحزب “منتصراً”.
كأن الاهالي الذين يستظل بهم الحزب لمعاقبة اسرائيل على خروقاتها، وعلى تماديها في خرق الاتفاق والقرار1701، ليقوم بمثل ما قامت، لم يكتفوا من تدمير منازلهم ومصادر رزقهم تحت رؤوسهم بعد ان تفيّأ واحتمى تحتها قياديو الحزب ومسلحوه ومخازن سلاحه وما زالت الاشلاء تنتشل مع كتابة هذه السطور في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية وها هو اليوم يخطط الحزب لحرق كل المراكب والاوراق وآخرها ورقة الاهالي لاشعال سيجارة “بقاء المقاومة” او حجة بقائها.
لقد تداعى “الأهالي” او قل دُعيوا ونُظِّموا وأُمروا لـ”التجمع في نقاط انطلاق حدّدوها او حُدِّدت لهم” حسب بيانات وزعت باسم “ابناء القرى والبلدات الحدودية” للدخول صبيحة يوم الاحد الى قراهم “حتى لو لم يتم الانسحاب الإسرائيلي بالكامل”، في حين ان بياناً لبلدية الخيام توجهت فيه للاهالي في 22 من كانون الثاني 2025 محذرة من الانجرار والجر الى الحرب: “يا أهلنا الكرام… كلنا ننتظر العودة إلى مدينتنا الخيام، وكلنا نعدّ الساعات كي نعود إلى قلعة الصمود، وكلنا ننتظر أن نُشيّع شهداءنا، ونتفقد بيوتنا وأرزاقنا، ونعيد الحياة إلى الخيام الأجمل بنظر كل أبنائها… ولكن، نحن نتعامل مع عدو غدار… لا تمنحوه فرصة للغدر والاعتداء والقتل والقصف والنسف من جديد”، وحثّت البلدية “أهالي الخيام على انتظار بيان رسمي من السلطات المختصة، ومن الجيش اللبناني الذي سيوضح، مساء السبت، مسار الأمور، وإذا كانت العودة آمنة”.
طبعاً لم يكن موقف وقرار الاهالي الا انعكاساً لمواقف قياديي الحزب عن اليوم التالي لـ26 كانون الثاني 2025 غير عابئين بما قد يلي هذا اليوم لو ارفقت البيانات والمواقف والتصاريح بأفعال لن تكون تداعياتها بأخف وطأة على الحزب وأهاليه ولبنان ومواطنيه وويلاتها من الحرب التي دارت رحاها طيلة الـ66 يوم من حجيم الدماء والدمار والخسائر والانكسار.
بعيداً ممّا يمكن ان يجرّه الحزب على الاهالي أنفسهم في 2025 من تكرار تجريب المجرّب في 1982 و1993 و1996 و2006 و2023-2024 من المفيد الاشارة بأنها ليست المرّة الاولى التي ينتهج فيها الحزب غطاء الأهالي لتحقيق غاياته وخاصة غير الشريفة منها، مع تمنياتنا ان ألا تحصل الأخيرة في 27 كانون الثاني 2025 حيث لم يعد هناك “جرّة هذه المرّة لتسلم او تنكسر”.
في 13 أيلول 1993 قامت تظاهرة على جسر المطار من “الأهالي” دعا اليها حزب الله، ظاهرها التنديد باتفاق اوسلو ونتيجتها اطلاق النار على الجيش اللبناني ليتهم نصرالله الجيش والقوى الامنية بتنفيذ أجندة اسرائيلية.
كما نظم الحزب تظاهرة “معيشية” مماثلة في ايار 2004 اطلقت النار هي الاخرى على الجيش اللبناني والذي اتهم بمثل ما اتهم في 1993.
كذلك خاض “أهالي” الحزب معركة بالرصاص الحيّ مع الجيش اللبناني على مستديرة مار مخايل في 2007 بحجة معيشية اخرى هي انقطاع الكهرباء وذلك ضغطاً على قائد الجيش المرشح آنذاك العماد ميشال سليمان… وفي كشف الهوية الحزبية الحقيقية للأهالي ولمشغليهم يقول السيد حسن نصرالله في 18 تشرين الأول 2018: “الجيش اللبناني أطلق علينا النار في جسر المطار في 1993 وفي حي السلم 2004 ومستديرة مار مخايل 2007″، والجميع يتذكّر كيف استغل الحزب وحلفاؤه أهاليه في تظاهرة الاتحاد العمالي العام التي حدد تاريخها في 7 أيار 2008 لينفذ منها الى غزو بيروت والجبل.
طبعا لا أحد يستطيع تناسي كيف انقض “الاهالي من النساء” في 27 تشرين الأول 2010 على فريق المحققين الدوليين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري لدى محاولته القيام بمهمته في عيادة الدكتورة ايمان شرارة وكيف سبحان الله استطاع الاهالي سرقة حواسيب المحققين مع اقراص صلبة خارجية تخزن معلومات محققي المحكمة الدولية التي افضت لاحقاً الى ادانة عناصر من الحزب باغتيال الحريري.
قصة الحزب مع الأهالي على أرض الجنوب تعيدنا الى أمثلة كثيرة، لتلطّي الحزب باللباس المدني لتنفيذ أجنداته واعتداءاته تحت مسمى الأهالي، نذكر منها نماذج عن التعديات وصولاً الى القتل التي تعرضت لها اليونيفيل والتي تعبّر بوضوح عن توظيف واستغلال واختباء الحزب وتخفيه وراء وتحت عباءة ولباس الأهالي.
من الاعتداء على دورية لـ”اليونيفيل” في شقرا تاريخ 22 كانون الأول 2021 بحجة التقاط صور داخل البلدة، واعتداء مماثل في بنت جبيل في 4 نيسان 2022 وحجز سيارات لقوات الطوارئ ومصادرة سلاح عناصرها في بلدة رامية الجنوبية تاريخ 25 كانون الثاني 2022.
أما في 14 كانون الأول 2022 فقد ادى اطلاق النار على النار على دورية لليونيفيل بعد قطع طريقها في بلدة العاقبية الى استشهاد عنصر ايرلندي من تلك القوات وجرح 3 آخرين من الدورية… لتؤكد التحقيقات التي أجرتها اليونيفيل لاحقاً مسؤولية الحزب كتنظيم عن الجريمة على الرغم من محاولة الحزب بالتنصل والتلطي.
كذلك وعلى الرغم من الضربات القاصمة لظهره في الحرب الاخيرة، لم يتورع الحزب عن استهداف دورية لليونيفيل عبر الأهالي في 18 كانون الاول 2023 في كفركلا البلدة الحدودية التي عادت ودمرت واحتلت ويعمل الحزب حاليا مخاطرا بحياة الاهالي لـ”تحريرها”.
انطلاقاً من التحركات العتيدة للاهالي المحفوفة بمخاطر استكمال ما بدأته اسرائيل في 23 أيلول 2024 قد يجد من قرأ دعوة المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان المحلّلة للحرام الذي ارتكبه “الأهالي” بقوله في 14 آب 2024: “والمطلوب من “اليونيفيل” ألا تلعب دور الموساد في لبنان”… دعوة مشابهة للحزب المحرّك للأهالي بتجنب وحتى “تحريم” “لعب اللعبة” التي تخطط لها اسرائيل و”موسادها”.