شدّد شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى على "ضرورة التضامن الوطني الداخلي في هذه المرحلة الحرجة التي يمرّ بها لبنان وخاصة منطقة الجنوب في ظل استمرار التهديدات الإسرائيلية، وعلى تأليف حكومة جديدة، لبناء الدولة الضامنة لحقوق جميع اللبنانيّين، والوقوف صفاً واحداً إلى جانب الجيش والالتفاف حول قيادته العسكرية، لتنفيذ المهام العسكرية والأمنية الموكلة إليه، وبسط سيادة الدولة على كل الأراضي اللبنانية وعلى الأخص في جنوب الليطاني".
كلام أبي المنى جاء خلال جولة قام بها على عدد من قرى قضاءي مرجعيون وحاصبيا، حيث أقيمت له سلسلة استقبالات شارك فيها مشايخ وآباء وفاعليات سياسية وحزبية واجتماعية وأهلية، إضافةً الى مجالس بلدية واختيارية وأهالٍ، شارك في جانب منها الشيخان الجليلان أبو زين الدين حسن غنام وأبو فايز امين مكارم وجمع كبير من المشايخ، ووكيل داخلية الحزب التقدمي الاشتراكي في المنطقة سامر الكاخي، ورؤساء لجان ومقررون واعضاء في المجلس المذهبي.
وفي كلماته أمام مستقبليه دعا أبي المنى الى "الالتزام بالمهلة الزمنية المحددة لاتفاق وقف إطلاق النار، ووقف العدوانية التي تمارسها اسرائيل في القرى التي لم تنسحب منها بعد، بما يعد انتهاكا للقوانين والسيادة الوطنية، داعياً لجنة الإشراف على الاتفاق لممارسة دورها والعمل على لجم الخروقات الإسرائيلية".

وقال: "نثق بالجيش ونعول عليه ليبقى سياج الوطن وحاميا للاستقرار وضامناً للوحدة الوطنية، وساهراً على وحدة الشعب بكافة مكوناته، وندعو للانخراط في صفوفه وتقويته وتعزيز امكاناته وقدراته، اما مقاومة العدو، فيمكن أن تكون أيضاً مقاومة اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية".
اضاف: "دعوتنا لجميع المسؤولين والاحزاب، من أجل التنازل لمصلحة الوطن والدولة، وتجاوز العقبات التي لا تزال تعيق الاتفاق على اخراج الحكومة الى النور، والتي نعلّق عليها وعلى العهد آمالاً كبيرة، للنهوض بالوطن ووضعه على سكة الازدهار والاستقرار والامان وتحقيق ثقة الداخل والخارج به".
وحيّا شيخ العقل "الأهالي الصامدين والمتشبثين بهذه الارض الطيبة المعطاء، ومتوجهاً بالتعزية لذوي الشهداء، الذين سقطوا في ابل السقي والماري والفرديس وكل الجنوب، وبالدعاء للجرحى والمصابين بالشفاء والبقاء".
حاصبيا
واستهل أبي المنى جولته الجنوبية من مدينة حاصبيا، التي زارها والوفد المرافق واستقبله فيها حشد غفير من المشايخ والفاعليات، وقد القيت خلالها كلمات الترحيب والتقدير والثناء لزيارته التفقدية ومواقفه الداعمة لأبناء الجنوب، خاصة ابّان المرحلة القاسية التي مرّت على منطقتهم جراء العدوان الاسرائيلي الأخير.
وزار شيخ العقل كلاً من الشيخ فندي جمال الدين شجاع والشيخ سليمان جمال الدين شجاع وسط حضور ديني حاشد ألقيت خلاله الكلمات الداعية الى وحدة الصف والكلمة، لا سيما في الظروف الراهنة، فزيارة للشيخ نديم بدوي، ومثلها للشيخ حسان جنبلاط، في لقاءين حاشدين ألقيت خلالهما كلمات التنويه والثناء بسماحة الشيخ ودوره الوطني الجامع.

ابل السقي
وانتقل شيخ العقل والوفد المرافق الى بلدة ابل السقي (قضاء مرجعيون)، حيث أقيم له استقبال حاشد من مشايخ وفاعليات واهالي البلدة، والقيت كلمات مرحبة باسم المشايخ والأهالي، وفي قاعة البلدة تحدث الشيخ فندي شجاع منوهاً بصمود الاهالي والشيخ زهير منذر باسم البلدة.
ورد شيخ العقل بكلمة حيّا فيها أبناء البلدة "الذين صمدوا في أرضهم على الرغم من الصعوبات التي واجهتهم".
وقال: "نعوّل على دور الجيش اللبناني القادر على القيام بدوره من أجل الاستقرار وفرض الامن والحماية للجنوب الحبيب، ليكون بمأمن من العدوان، وندعو الدول المشرفة على تنفيذ الاتفاق على وقف النار لممارسة دورها بهذا الخصوص"، محيياً "أبناء هذه البلدة الكريمة والجميلة بنموذجيتها وحياتها الاجتماعية وتنوعها وعيشها المشترك بين الدروز واخوانهم المسيحيين"، قائلاً إنّها "بلدة تجمع ولا تفرق وتلك هي رسالتنا، فلتقدموا نموذجاً للوطن بانكم متماسكون داخلياً وكذلك بالنسبة الى جميع الطوائف، خاصة وأنّ البلدة في هذه المنطقة هي في موقع التحدي من القرى المتقدمة على الحدود، وتحتاج الى رعاية الدولة واهلها متمسكون بوطنيّتهم وارضهم، ولم يؤثر عليهم العدوان".
اضاف: "نحن وطنيون ثابتون على هويتنا وفي وطنيتنا وفي توحيدنا واسلامنا، كونوا مؤمنين ولنثبت جذورنا ولنبق كما عهدناكم. والتحية للشهداء الذين سقطوا ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى".
وتبع ذلك زيارات دينية للمشايخ زهير منذر وسعيد فياض وعبد الله غبار والى مقام الداعي عمار حيث رحب به سائس المقام الشيخ رائف غبار.
الماري
وقصد شيخ العقل والوفد المرافق بعد ذلك بلدة الماري حيث اقيم استقبال حاشد في قاعة البلدة بمشاركة قائد الكتيبة الهندية في القطاع الشرقي وضباط من قوات الأمم المتحدة الموقتة في لبنان "اليونيفيل"، وألقى رئيس البلدية يوسف فياض كلمة ترحيبية والشيخ هاني سارة باسم المشايخ، ثم القى سماحة شيخ العقل كلمة قائلاً: "بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى أنبياء الله الطاهرين الطيّبين... شيخنا الجليل الشيخ ابو زين حسن غنام، المشايخ الأجلاء، رئيس البلدية والأخوة الكرام جميعا... جاء في الآية الكريمة قوله تعالى: واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا... من هذه الآية القرآنية ننطلق فنعتصم بحبل الله ولا نتفرق وتلك كانت رسالتنا منذ البدايات، أكان على صعيد العائلة الواحدة أم على صعيد العائلة الوطنية كلها، فعندما ندعو إخواننا الموحدين الدروز في الماري في ابل السقي والفرديس في كل قرية من قرانا، اكان في الجبل ام في الوادي الأزهر وفي كل مكان، الى الاعتصام والى عدم التفرقة، فإنما ندعو اخواننا اللبنانيين جميعا للاعتصام بحبل الوطنية الواحد وعدم التفرقة. هذه هي رسالتنا التي لم تتبدل، وها نحن اليوم في موقع مشيخة العقل نتعلم من مشايخنا الأجلاء وننقل هذه الرسالة ونقول للجميع، ان الموحدين الدروز يقاسون بالدور وبالرسالة لا بالعدد والحجم المادي، بل بالحجم المعنوي. هؤلاء ما كانوا يوماً إلّا مدافعين عن الأرض والعرض والكرامة، وعن الوطن. الموحدون الدروز الذين ما كانوا في تاريخهم الا دعاة وحدة وتضامن وطني وإلفة ومحبة وأخوة، وتلك ركائز الحياة والعيش المشترك والوطنية، من خلال المحبة المسيحية والرحمة الاسلامية والأخوة التوحيدية الإنسانية. هذه هي قواعد البناء، عندما تكون القواعد سليمة يكون البناء سليما وتكون المحبة صادقة والرحمة وافية والأخوة قائمة، هذه هي رسالتنا".
اضاف: "عندما نأتي اليوم الى الماري إنما نأتي الى بلدة جنوبية عزيزة تحمل رسالة في تنوعها التوحيدي الاسلامي المسيحي، ولم نسمع يوماً عن الماري أنّ أهلها تنازعوا او تصارعوا، بل كانوا يداً واحدة متضامنين، حرثوا الارض واستفادوا من خيراتها وتثّبتوا فيها وكانوا صامدين، نأتي اليوم لكي نهنئكم بالسلامة ولكي نشكركم على هذا الثبات في الأرض، الذي لم تتزحزحوا عنها، وعندما كنت اتصل مع الأخوة المشايخ ومع حضرة رئيس البلدية ومع المسؤولين كانوا يقولون لي (طمّن بالك) نحن ثابتون في أرضنا ولن نترك هذه الأرض. كنت اتصل، لا لأعطيكم القوة، بل لأستمد منكم العزم والارادة، لكي اطمئن وأطمئن الناس بأن اهل الماري بخير في تشبثهم في الأرض وفي وحدتهم الداخلية. المقاومة هي الصمود وعنوان البقاء قبل أن يكون قنابل ومدافع وآلات حرب المقاومة هي التعلق بالأرض وبالقيم والتعلق بالإيمان هذه هي قواعد التحدّي والصمود والمقاومة الحقيقية هي التشبث بالإيمان وبالقيم الأخلاقية والاجتماعية وبالأرض والوطن".
وتابع: "بهذه الثوابت نقاوم ونستمر في مواجهة عدوّ مجرم معتد هدم البيوت وقتل الناس وجرف التربة واشجارها، لكننا قاومنا بثباتنا، واننا نحيي أرواح الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن هذه الأرض والذين سقطوا غدراً، وأحيي هذه الروح الوطنية العالية التي تتمتعون بها والتي يجب ان تستمر، لأن القضية لم تنتهِ بعد، ونحن أمام تحدّي تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار والتي تنتهكه اسرائيل يوميا، ونطالب الدول المشرفة على تطبيق هذا الاتفاق بان ترفع تقاريرها الى الدول المعنية والى الأمم المتحدة، مطالبة اسرائيل بتنفيذ القرار وبمحاسبتها وايضا، ولكي نؤكد بان جيشنا الوطني هو المسؤول في هذه الارض في جنوب الليطاني كما في كل لبنان هو المسؤول عن شعبه وارضه ووطنه، هذا الجيش الذي يحتاج الى تضامن الجميع والى الدعم والمساندة وهذا ما نطلبه من الدول الراعية، ان تدعم هذا الجيش ليقوم بمهمته. وقد رأينا كيف كان يقوم بمساعدة الأخوة النازحين بالعودة الى قراهم، الجيش قادر على القيام بالمهمة فلنتكل عليه ولنتوجه دائما الى ان نكون حذرين من هذا العدو ومستعدين لمواجهته، والمقاومة ربما تكون في معظم الاحيان مقاومة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، وتلك من انواع المقاومة. مقاومتكم في زراعة الأرض وفي الانتاج وفي المواجهة الاقتصادية والاجتماعية وفي الوحدة الوطنية، هذه أيضا نوع من أنواع المقاومة".

وختم: "أحيي أرواح الشهداء الابطال الذين سقطوا دفاعا عن هذه الأرض، تحية للماري، تحية لأهلنا الشرفاء هنا من كل العائلات دون استثناء، الماري في القلب نزورها في كل لحظة بالتواصل والمحبة التي نكنّها لكم فرداً فرداً، شكراً لكم على هذا الاستقبال واهنئكم مرة ثانية بالسلامة ونترحم على ارواح الشهداء ونواسي المصابين والذين خسروا بعضاً من أملاكهم، لكن ثباتكم في الأرض هو خير عوض لكم. ادامكم الله وحياكم عشتم وعاشت الماري عاش الجنوب وعاش لبنان".
الفرديس
وقصد شيخ العقل بعد ذلك بلدة الفرديس حيث أقيم استقبال في مقام النبي شعيب (ع) بحضور حاشد من المشايخ والأهالي، والقى الشيخ غالب سليقا كلمة باسم الاهالي ورئيس البلدية الشيخ بسام سليقا، وردّ سماحة شيخ العقل بكلمة شكر على حفاوة الاستقبال والتشديد على وحدة الكلمة والصف، وحول اهمية المواقع الدينية في تأكيد روحية الايمان والثبات، مشيراً الى الامل المعلّق على العهد الجديد والمرحلة الجديدة مع تشكيل حكومة انقاذية.
البياضة
واختتم شيخ العقل اليوم الأول في لقاء ديني حاشد وكبير في خلوات "البياضة الزاهرة الشريفة"، بحضور جامع من المشايخ الاعيان، وكان لسماحته حديث ديني خلال اللقاء مشدداً فيه على دور الخلوات في صقل النفوس وتهذيبها وفي جمع الشمل والترفع عن الخلافات والارتقاء الانساني.
وسيتابع شيخ العقل اليوم الثاني في جولته الجنوبية صباح اليوم الأحد، في عدد من المحطات في حاصبيا والجوار.