بين المصارف وبعض الجمعيات “المدّعية” الإصلاح.. هل تضيع حقوق المودعين؟

money

تحديات هائلة تتراكم أمام حكومة العهد الأولى التي لم تسلك بعد سبيلها إلى التشكيل أولاً وإن كانت أجندتها تبدو واضحة ثانياً في ظل ما يتسرب عن اتجاهاتها لمقاربة الملفات ذات الطابع المصيري، والمعلقة منذ سنوات، وفي مقدمها ملف ودائع اللبنانيين بكل تفرعاته الجدلية.

أكثر من مشروع قانون قد طرح على الطاولة منذ الانهيار المالي في العام ٢٠١٩ سواء في الحكومات المتعاقبة أو في المجلس النيابي، إنما المشروع الذي سيكون على حكومة نواف سلام، قد لا يأخذ بكل ما ورد حتى اليوم من اقتراحات لتوزيع الخسائر بين أطراف ثلاثة وهي الدولة والمصارف والمودع.

وقبل الوصول إلى موعد هذا الاستحقاق المصيري والوطني، فإن أكثر من طرف معني بالملف، قد انطلق في سباق مع الوقت، من خلال حملات شرسة وشعبوية ولا تستند إلا على تحقيق مصالح خاصة بالدرجة الأولى، وهي سياسية ومالية، وذلك على حساب المودع والقطاع المصرفي من جهة والمصلحة العامة بالدرجة الثانية.

واللافت أن من يقف وراء هذه الحملات، لم يدخل حديثاً إلى ملف الودائع، بل سبق لهم أن “بلوا يدهم” في هذه الأزمة واستغلوها على مدى سنوات من أجل منع أي معالجة جدية وواضحة وعلميّة تحقق عملية توزيع عادل للخسائر بين الجهات الثلاثة المعنية بهذه القضية. وعلى سبيل المثال، فإن ما طرح من خطط مالية على هذا الصعيد في الماضي، حمل عنواناً واحداً وهو “تصفير” الحسابات وشطب الودائع كما دأبت عليه مجموعة “كلنا إرادة”، التي تجهد وبكل الوسائل المتاحة من أجل تحميل المصارف والمودع كل الخسائر المالية، متغاضيةً عن العنوان الجوهري وهو استرجاع ودائع اللبنانيين وحمايتها في أي خطة، من دون تدمير القطاع المصرفي، مع العلم أن مصارف كبيرة لعبت دوراً مشبوهاً في هذا الملف وعملت على تهريب أموال إلى الخارج.

من هنا، تبرز الحاجة ماسة إلى جهة رابعة على جانب كبير من الموضوعية والوطنية من أجل وضع حد لكل محاولات تضييع ملف الودائع، وهي الحكومة العتيدة التي ستمسك بكرة نار “ودائع اللبنانيين” و”إعادة هيكلة القطاع المصرفي” و” توزيع الخسائر المالية”، من أجل إعادة إطلاق الحركة الاقتصادية في مرحلة التعافي والإنقاذ.

وفي الوقت الذي تركز فيه الحملات التي انطلقت وفق إيقاع سريع في الأسابيع الماضية، على الهجوم على المصارف تحت شعار براق هو حماية المودع، متغافلةً أن “ضرب المصرف سيضرب الودائع”، فهي تتجاهل عمداً دور ومسؤولية الدولة في وضع اليد على الأموال خلال المرحلة السابقة.

وبالتالي، فإن المصلحة العليا للبنان ولعودة الدولة وحكماً حماية الودائع، تبدأ بشكل رئيسي من وضع خطة حكومية تضع في أولوياتها كيفية التوصل إلى التوزيع العادل للخسائر المالية، بحيث لا تتحملها المصارف لوحدها أو المودع بمفرده.

والمعلوم أن حماية الودائع وحقوق المودعين، قد شكلت بنداً أساسياً في خطاب القسم للرئيس جوزف عون، الذي التزم بالعمل على ملف الودائع، خصوصاً وأن حماية المودع تتلازم مع حماية القطاع المصرفي، ذلك أنه من دون مصارف لا يبقى مودعون وهي معادلة واضحة.

لذلك فإن الحكومة ستكون أمام اختبار في هذا المجال، حيث أن المعايير التي ستعتمدها في الخطة التي ستضعها، لا يجب أن تكون “سياسية” و”مزدوجة”، وفق ما يجري الحديث عنه الآن على صعيد التأليف، بل أن تكون “محايدة” و”عادلة”، فالآمال كلها معلقة على هذه الحكومة التي تشكل فرصةً من أجل استعادة الحقوق من خلال العدالة أولاً وأخيراً.

فهل تنجح حكومة سلام في الاختبار المصيري؟

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: