أعجبني إصرار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على العودة إلى لبنان هذا الشهر من أجل الضغط على المسؤولين اللبنانيين، والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا يملك ماكرون للضغط على هؤلاء كي يستجيبوا للمبادرة الفرنسية؟
إذا كان ماكرون يفكر بفرض عقوبات على المسؤولين وحرمانهم من العلاقات مع أوروبا ومع غيرها من الدول، فهم في واقع الحال محرومون منها والعقوبات مفروضة عليهم بشكل شرعي وبشكل غير شرعي ورغم ذلك هم يواصلون تعنتهم ولا يستمعون لا إلى ماكرون ولا إلى اللبنانيين البائسين.
هل سيقول لهم ماكرون مجدداً أن البلد مهدد بالإنهيار، فهم يعرفون ويدركون هذا الأمر أكثر منه، فهم من أوصل ويوصلون البلد إلى الانهيار الدائم ولم يرف لهم جفن لوقف هذا الانحدار إلى جهنم.
هل سيقول لهم ماكرون إن الشعب سيجوع وسينقلب عليهم؟ هم يعرفون أن الشعب جاع وكذلك أتباعهم ولكنهم رغم ذلك ما زالوا في عروشهم طالما أن هناك من الناس من يستميت في الدفاع عنهم ولو على حساب لقمة عيشه ودمه وروحه.
هل سيقول لهم ماكرون إن الحرب على الأبواب فانتبهوا واتقوا الله؟ هم لا يأبهون إن اندلعت حرب ومات من مات فالناس وقود لمشاريعهم المحلية والإقليمية ومنهم من يريد لهذا البلد أن يعيش في حرب دائمة فطموحه الموت والقتل والدمار والظلام وما نفع الحياة إن لم تكن لغير ذلك؟
لن يعود الرئيس ماكرون من زيارته الجديدة المقررة للبنان بأي جديد فهو سيفجر غضبه في وجه بعض من سيلتقيهم وسيسمعهم كلمات لن تؤثر فيهم، ولكنه سيسمع منهم وعوداً ووعوداً ستبقى كلاماً فارغاً كما في المرات السابقة.
خطأ ماكرون أنه ما زال يعتقد أنه يتعامل مع مسؤولين وقيادات وهم في الحقيقة ليسوا مسؤولين عما ينادي به الرئيس الفرنسي، بل هم مسؤولون عن الخراب الذي حل بالبلد ولا توجب الاخلاق مناشدتهم لإنقاذه بل يجب العمل على محاسبتهم.
لو يوفر الرئيس الفرنسي الساعات التي سيمضيها في لبنان لفعل أي عمل مفيد في فرنسا فزيارته المرتقبة للبنان لن تكون سوى مضيعة للوقت ويفترض بالمترجمة التي ترافقه أن تترجم له المثل الشعبي “تيتي تيتي متل ما رحتي متل ما جيتي”.