كتب أنطوان سلمون: لم يكن ما حدث في جلسة الثلاثي جوزاف عون نبيه بري نواف سلام مفاجئاً لمن خَبِر الثنائي متمسكناً، وعانى من غطرسته ومكابرته وتعسفه متمكناً، ولم تكن اليد الممدودة التي ميّزت “الثنائي” عن سواه من الأحزاب والطوائف مطمئنة ضامنة مانعة رافضة لإقصاء من رفض الاجماع حول انتخاب جوزاف عون ولاحقاً حول نواف سلام وقاطع جلسات استشارات التأليف، درساً يستفيد منه الثنائي المعرقل لوقف عادته السيئة في الاستئثار والتعطيل بالإصرار على استحواذه الوزراء الشيعة الخمسة ليكون بيده اضعاف عهد جوزاف عون واسقاط حكومة نواف سلام تحت حجة “الميثاقية” متى أصبح متمكناً بعد “تمسكن” يدعي منه مظلومية ليقلبها لاحقاً ظلامةً وظلماً على ما عهده اللبنانيون من هذا الثنائي في نكثه للعهود.
عن مرحلة اداء الثنائي الشيعي في مرحلة تمكنه واستئثاره وسيطرته من المفيد العودة الى ابعاد “ممثل السنة” الحقيقي والفعلي سعد الحريري عبر ضغط القمصان السود ووهج سلاح الحزب المصوّب الى الرؤوس، وفي تفرد الحزب وأمينه العام باختيار من يناسب حزبه في رئاسة الحكومة وفي الوزارة واكثر من دلّ على التفرد وفرض نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة من خارج ارادة الجمهور السنّي ورغما عنها هما الأمين العام الراحل السيد حسن نصرالله والرئيس الراحل عمر كرامي.
نقل الأمين العام للحزب حسن نصرالله في 23 كانون الثاني من العام 2011 عن كرامي قوله: “أنا أشكر ثقتكم وثقة المعارضة، ولكن أنت تعرف أنني متقدم في السن وأن وضعي الصحي على ما هو عليه، والمرحلة حساسة ودقيقة، وتحتاج إلى حيوية وجهد. أنا أفضّل أن تجدوا خياراً آخر قد يكون في هذه المرحلة أفضل للبلد”، ليرّد كرامي بعد أيام وتحديداً في 27 كانون الثاني مكذّباً نصرالله: “استمعت للسيد حسن في الخطاب الذي رثاني فيه، اليوم أنا أمامكم واستشهد بكم كإعلاميين، أنا أمامكم فهل ترونني مريضاً؟”.
لتأتي محاولة الترضية من الثنائي بتخليه عن “الشيعي السادس” وتوزير نجل عمر كرامي فيصل ليصبح من حصة الثنائي الشيعي، “الشيعية”، وليعترض عمه الشقيق الأكبر للمرحوم عمر كرامي معن كرامي قائلاً في 16 حزيران من العام 2011: “وزير الشباب والرياضة فيصل كرامي هو الوزير الشيعي السادس في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وهو لا يمثل بهذا المركز لا طائفته ولا بلده الحبيب طرابلس”، لافتاً الى أن “عائلة كرامي لا ترضى صدقة من أي جهة كانت”، كما تساءل كرامي: “لماذا رفض رئيس الحكومة الأسبق عمر كرامي تمثيله بوزارة سياحة في العام 1993 واليوم قبل بوزارة الشباب والرياضة لنجله”.
طبعاً لسنا بحاجة ان نذكّر القارئ بأن حكومة ميقاتي الآنفة الذكر كانت حكومة اللون الواحد حكومة حزب الله اذ اقصي عنها معارضوه من الطائفتين السنية والمسيحية.
اليوم ومع ادعاءِ اقصاء وزعمِ ابعاد، “يتحايل” الثنائي متمسكناً ليتمكن عبر الدخول من نافذة “الشيعي الخامس” و”التوقيع الثالث” في وزارة المالية من اعادة عقارب ساعة هيمنته على القرار تحت شمّاعة الميثاقية والشراكة، ليقصي من استوعبه ويبعد من زوده بقارب نجاته من سقوط محتم املته ظروف محلية واقليمية كان الحزب مع محوره المساهمان الأساسيان في إنشائها، وضغوط دولية لتنفيذ قرار وقع عليه الحزب في مرحلة تمسكن مماثلة.
الأكيد ان ما اصيب به محور الحزب والثنائي، ليس بقليل ولو كابروا ولو انكروا ولو تعنّتوا، ومن كان بستدعي المرشحين للرئاسة الأولى والثالثة وللوزارات فاحصا اهليتهم مسبغا على بعضهم بركاته ورضاه وثقته وبالتالي تصدّقه بالتعيين والتكليف والتنصيب على ما رأينا، ها هو اليوم يستجدي “مقعداً خامساً” ولو بالتلويح والتهديد الخلبي اللفظي بـ6 شباط و7 أيار مستحيلَي التطبيق على ارض الوقائع المعروفة… وقد تكون انتفاضة فيصل عمر كرامي المتأخرة بخروجه من حضن الثنائي ومحوره السوري المعبّر عنها بـ”الانتخاب والتكليف” وتبني “الخطاب السيادي المعارض” للحزب وسلاحه وبما كشفه في 21 كانون الاول 2024: “أصلاً النظام السوري السابق حارب عمر كرامي 13 سنة والمطلوب كان تدمير الزعامة الكرامية لما لها من تأثير على الداخل السوري، نموذجا وجب على الثنائي أخذ العبرة منه ليبني على تقبّله شريكاً رغم ما اقترفه بحق اللبنانيين وما كبّدهم من خسائر وويلات، حكمة ودراية وتواضعا وتنازلا كي “لا يُسقى لاحقاً بما سقا”.
..والسلام..