كتب أنطوان سلمون: ان ما تعيشه منطقة الشرق الأوسط والعالمين العربي والاسلامي مع انعكاسات ما يحدث على الدول وقضاياها الاساسية المصيرية نخص منها القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين بأرضهم ومصيرهم وحتى وجودهم بحد ذاته، يعطي الحق الى حد كبير الى وزير الدفاع الإسرائيلي موشى دايان إبان “النكسة” في 1967 في ما نُقِلَ عنه: “إن العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون، وإذا فهموا لا يستوعبون، وإذا استوعبوا لا يطبقون، وإذا طبقوا لا يأخذون حذرهم”.
قد لا يكون ما يُعرَض على الفلسطينيين الغزاويين واهل الضفة الغربية وما يعّرضهم لاندثار في دول المرشحة لـ”الانتشار” من الاردن الى مصر فإندونيسيا من آخر نماذج عدم التقاط العرب للفرص المتاحة في الـmomentum المناسب، وعدم قراءتها جيدا وفهمها واستيعابها لتطبيقها لاحقا بحذر…
لقد سبق دعوة ترامب الممقوتة في 2025 سلسلة طويلة من تضييع المزايدين المعنيين وغير المعنيين بالقضية الفلسطينية لفرص كثيرة ثمينة ذهبية لم يعد من مجال لإتاحة جزء يسير منها حتى…
على سبيل المثال في 29 تشرين الثاني 1947 أصدرت “الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 181 والذي يقضي بتقسيم فلسطين الى ثلاث كيانات: دولة عربية مساحتها 11 ألف كيلو متر مربع ودولة يهودية 15 الف كيلو متر مربع والقدس وبيت لحم والأراضي المجاورة تحت وصاية دولية… وقد رفض العرب والفلسطينيون القرار تحت شعارات لاءات التفاوض والصلح والاستسلام واقامة الدولة الفلسطينية وحدها على الأراضي التي اصبحت لاحقا دولة اسرائيل المفترض ازالتها ورميها في البحر، ولا يغيب عن بال أحد ما عاد العدو الاسرائيلي وكسبه من الأرض في حربي 1967 و1973 وما خسره الفلسطينيون والعرب من مساحات كبيرة من أراضيهم.
هذا المثال من الرفض والصمود والتصدي وبعد توالي سقوط الفرص المتاحة تكرّر مع الرافضين والصامدين والمتصدّين بحلتهم الممانعة الايرانية، مع مبادرة القمة العربية التي عقدت في بيروت في 27-28 آذار 2002 والتي تلخّصت بـ”حل الدولتين” وطبعاً لم يُعطَ الفلسطينيون في 2002 ولم يحلموا ان يعطَوا ما كان القرار 181 في العام 1947 قد أعطاهم اياه من أرض وسلطة وسيادة.
الكل يتذكر كيف ان الدول الممانعة والمنظمات “المقاومة” الدائرة في الفلك السوري الايراني كانت جاحدة لما خلصت اليه المبادرة من استعادة للأرض وسيادة لأصحابها عليها، وكانت جاهدة في سبيل تقويضها وتخوين المبادرين والموافقين عليها، وكأنّ الرافضين الممانعين لم تكفهم عقود من تضييع الفرص بعدم القراءة والفهم والاستيعاب وبسوء التطبيق والحذر في التطبيق…
اليوم وبعد ما حصده المحور المعادي للمبادرة العربية من خسائر استراتيجية من طالت رؤوس قيادييه ودوله ومدنه وقراه من إيران مروراً بالعراق واليمن وسوريا ولبنان وغزة والضفة الغربية، تطفو على سطح القرارات المفاوضات والحلول، نظريات الرئيس الاميركي المنتخب حديثاً لمرة ثانية دونالد ترامب وقراراته التي تتحدث عن ترانسفير الى مصر والاردن واندونيسيا، ناهيك عن ما حصده المحور تحت الضربات، بقبول ما لم يكن مقبولاً بالأمس القريب في لبنان وايران وفلسطين والعراق وسوريا.
على خطى الندم العربي على تفويت الفرصة في قرار التقسيم “العادل” يومها في العام 1947 يتوسل الممانعون لا بل يتسولون حلّا بعيد المنال هو حل الدولتين خاصة اذا تذّكرنا بان ترامب الذي طرح “الجحيم” بمقابل حل تفريغ غزة وضم الضفة الغربية وترانسفير الفلسطينيين في ولايته الحالية، كان من المؤيدين لحل الدولتين الذي رفضه أبطال اليوم من النظام الايراني ونظام الاسد في سوريا وحزب الله في لبنان وحماس والجهاد الاسلامي في فلسطين اذ يقول الرئيس ترامب في ولايته الأولى عن حل الدولتين في 26 أيلول 2018: “هذا أفضل حل فيما أعتقد، هذا هو شعوري. أعتقد حقيقة أن شيئا سيحدث. وإنه حلم لي أن أستطيع عمل ذلك قبل انتهاء ولايتي الأولى”.
بناء على ما تقدّم لم يقض طوفان الأقصى على اي امكانية لإزالة اسرائيل من الوجود فحسب، بل انه قضى على أي حل عادل للقضية الفلسطينية من مثل “حل الدولتين” الذي أصبح نتيجة لانتصارات الممانعين مرتجى وحلم عند الممانعين المقاومين بل قل أضغاث أحلام لطالما رفضوها واعتبروها كوابيس تمس الحقوق والثوابت، تماماً كما قضت جبهة الاسناد على شرعية ومشروعية سلاح الحزب بتوقيعه ووقوعه في فخ الغائه كمقاومة.