قد يكون مفهوماً لدى الكثير من اللبنانيين إنكار حزب الله وبيئته للواقع الكارثي الذي لحق بهم، فاستمروا في المكابرة ومحاولة إبقاء الواقع على ما هو عليه لجهة الإحتفاظ بالسلاح وترداد مقولة تحرير فلسطين والهيمنة على قرار الدولة وأخذها رهينة مع أهل البلد.
ولكن ما ليس مفهوماً هو ان قوى سياسية تتلون بما يسمى الوسطية تحاول مسايرة حزب الله بالإبقاء على الواقع الذي يريده رغم أن هؤلاء يعملمون جيداً ما آل إليه وضع حزب الله وعدم قدرته على القتال إسرائيل وبالأخص عدم قدرته على الإستمرار في الهيمنة على الدولة وقرارها، ولكن هذه القوى الوسطية المتخاذلة تساعد حزب الله عن قصد أو عن غير قصد في أن يبقي على هذه الهيمنة تحت عناوين تبدأ من الوحدة الوطنية والطائفة المجروحة ودرء الفتنة وربما تتصرف هذه القوى إما انطلاقاً من عقدة الخوف وإما إنطلاقاً من مصلحة.
هذه القوى لم يوفرها حزب الله في حربه على الداخل اللبناني لا من خلال الإغتيالات ولا من خلال الإجتياحات، ولم يوفرها من التهديدات المستمرة ولكن يبدو أنها تناست كل ذلك وعقدت العزم على تطبيق القول عدو عدوي صديقي، فهذه القوى وبكل صراحة تعتبر أن الحرب الأخيرة وحزب الله مسؤول عنها أدت في نتائجها إلى انقلاب في موازين القوى تستفيد منه في شكل خاص القوى السيادية وفي مقدمها القوات اللبنانية ويبدو أن تلك القوى المتلونة بالوسطية لا تريد لهذه القوى السيادية وللقوات بالتحديد أن تحقق المكاسب جراء الوضع الراهن ولذلك عمدوا ويعمدون على مساعدة حزب الله لأن يحتفظ لنفسه بالسلاح والقرار وليواجهوا من خلاله القوات وحلفائها.
إن حزب الله لم يسأل هؤلاء المتلونين عن الحرب الأخيرة التي شنها وينكر عليهم حق الإعتراض على كل ما يقوم به متذرعا بأن الأمر سيؤدي إلى فتنة، والسؤال لهؤلاء من يريد هذه الفتنة ويسعى إليها؟ هل الذين رفضوا الحرب ويرفضون لبنان الساحة؟ أم الذين يريدون البلد ساحة مباحة؟