مع تسلم دونالد ترامب السلطة الرئاسة في أميركا والتوقعات ببدء المحادثات بين طهران وواشنطن، انتعشت الآمال بأن يتراجع التصعيد العسكري في المنطقة بعض الشيء، لا سيما بين إيران وإسرائيل، والذي كان قد بدأ منذ العام الماضي، بيد أن المذكرة التنفيذية التي وقعها ترامب ضد إيران ورد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الحاسم عليها بمنع المحادثات مع أميركا والتراشق العدائي بين الجانبين، مهدت لزيادة التصعيد العسكري مجدداً، وعلى الأقل في المجال الإعلامي والدعائي.
وفي أعقاب التصريحات العدائية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في مؤتمر صحافي مشترك ضد إيران، والتي يُستشف منها التهديد العسكري، أعلن قائد الوحدة الصاروخية في الحرس الثوري أمير علي حاجي زادة عن أن “الهجوم الإيراني الثالث على إسرائيل تحت عنوان “الوعد الصادق 3″ سيُنفذ”.
وكانت طهران شنت العام الماضي هجومين بالمسيّرات والصواريخ على إسرائيل، لكنها أحجمت عن تنفيذ عمل انتقامي بعد الهجوم الجوي الإسرائيلي على إيران، ما أجج إشاعات كثيرة بما فيها أن بعض المسؤولين الغربيين والإسرائيليين زعموا أن الغارة الجوية الإسرائيلية ألحقت أضراراً جادة بمنظومة الدفاع الجوي الإيرانية. بيد أن الرواية التي سردها القائد العسكري الإيراني الكبير حاجي زادة، انطوت على ملحوظات أخرى تشير إلى أن “إيران، وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق سياسي، أعدت نفسها لحرب من العيار الثقيل مع أميركا وإسرائيل”. وقال زادة هذا إن “التهديدات ضد الجمهورية الإسلامية هدفها الحصول على تنازلات، ولن يحدث أي شيء، وليست هناك حرب، لأن أميركا وإسرائيل تعرفان أنهما لن تطيقا الرد الإيراني، وفي حال حصول سوء تقدير، فإن المنطقة برمتها، ستشتعل”.
وذكّر بأنّ “أضخم هجوم بالمسيّرات شُنّ في العام الماضي على إسرائيل ونفذته نحو 160 مسيّرة دمرت الدرع الدفاعي الإسرائيلي”، وتوجه إلى نتنياهو بالقول: “إن استخدمنا في المستقبل ما عدده 500 إلى 1000 مسيّرة، فما عساكم ترتكبون من حماقة”؟
وعن الهجوم الإيراني الثاني على إسرائيل بالصواريخ المتطورة، قال زادة إن “المنظومات الدفاعية لأميركا وبريطانيا وفرنسا والأردن تدعمها 103 طائرات عسكرية و4 بوارج في البحر الأحمر وشواطئ البحر الأبيض المتوسط، لم تستطع صد هذا الهجوم، وتمكنا من إصابة 75% من الأهداف”.
وحذر زادة قائلاً: “إن رد إسرائيل على هجماتنا، فإننا جاهزون للثأر”. وعن قدرات إيران، أضاف: “أستطيع القول فقط إننا إن قمنا بتدشين مدينة صاروخية واحدة في كل أسبوع، فإن هذه العملية ستستمر لعامين”.
وتظهر تصريحات زادة أن “طهران، ورغم المشاكل الاقتصادية الجادة ونشاط المعارضة السياسية في الخارج، ليست مستعدة لقبول مطالب ترامب بإيقاف النشاطات النووية وإنتاج الصواريخ البالستية وكذلك قطع الدعم عن الوكلاء، وإن تراجعت أميركا عن مطالبها هذه، فإن ثمة إمكانية للمحادثات والاتفاق في المستقبل، وبغير ذلك، فإن طهران جاهزة حتى لخوض مواجهة عسكرية”.
وبمعزل عن التهديد والوعيد وإطلاق الشعارات الدعائية للطرفين في الأسابيع الأخيرة، وكما كان متوقعاً، فإن أولوية أميركا في الصراعات الدولية هي المسألة الأوكرانية، والتي اتخذت طابعاً عملانياً في الأيام الأخيرة في مؤتمر ميونيخ للأمن ومحادثات الرياض. ومن بعدها، ستحل مسألة إيران على جدول أعمال ترامب، وحتى ذلك الحين الذي قد يستغرق 6 أشهر، ستشهد مواقف السلطات السياسية والعسكرية للطرفين، تقلبات كبيرة، عاى الرغم من أن المواقف هذه، سيكون لها تأثير مختلف على الاقتصاد الإيراني والمعنويات العامة للشعب، إذ تحفز البعض على إبداء تخوفه وقلقه من تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، لا سيما تراجع قيمة العملة الوطنية، والبعض الآخر، على المزيد من المواجهة العقائدية مع أميركا وإسرائيل.