أحداث غرب سوريا الأخيرة في غربال الحقيقة

SYRIA

الرأي العام العربي وبعض الرأي العام السوري منقسمٌ بخصوص أحداث غرب سوريا الأخيرة، فجزءٌ منه والمتضرّر من سقوط نظام بشار الأسد ومن بين أيتامه مَن يعتبر ردة فعل السلطة الجديدة اضطهاد لمذهبٍ فيما المناهضين الأكثريين للنظام المخلوع يعتبرون ما يحصل إخماداً لتمرّد.

الحقيقة أن تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين وبعض رموز النظام المخلوع في لبنان في الآونة الأخيرة كانت تهدّد وتتوعّد بتطوراتٍ كبيرة في سوريا قريباً، فجاءت الأحداث في اللاذقية وطرطوس لتكشف النقاب عما حيك من مخططٍ في بغداد منذ فترة حين عُقدت اجتماعاتٌ تحضيرية لقلب الموازين في سوريا وإطلاق نوع من ثورة مضادة ضد السلطة الجديدة في دمشق برعاية إيرانية ومشاركة ضباط من فلول النظام السوري السابق وقيادات في الحرس الثوري وميليشيات إيرانية.

ما حصل اذاً خلال الساعات والأيام القليلة الماضية في غرب سوريا هو مخططٌ مرسومٌ ومدبّرٌ لتحقيق أمرين: الأول زعزعة الأمن والاستقرار على خلفية أحداث الجنوب السوري لتوسيع دائرة التوترات والقلاقل، والثاني للتخريب على السلطة الجديدة وإسقاطها.

طبعاً من المؤكد أن الذين اتهموا الرئيس السوري أحمد الشرع بالإرهاب و”الداعشية” والقتل هم أنفسهم المؤيدين لنظام الأسد وقد نسوا أن ما يجنونه اليوم ليس سوى ثمن ما فعلوه بالشعب السوري هم وبشار الأسد من إبادة أحياء ومدن ومناطق عن بكرة أبيها وذبح وتدمير الأبرياء بالبراميل المتفجّرة بحجة مقاتلة الإرهاب باعتبار أن ٢٠ مليون سوري سني داعشي وإرهابي يتوجب قتلهم وإبادتهم.

صحيح أن ثمة تجاوزات قد تكون حصلت على هامش المواجهات العسكرية في الغرب السوري ذهب ضحيتها أبرياء إلا أن الصحيح أيضاً هو أن بشار الأسد وإيران زرعا على مدى سنوات وسنوات، منذالعام ٢٠١١ أقله، الحقد والضغينة في قلوب السوريين الذين أرادوا يوماً، وهذه كانت جريمتهم، المطالبة بالحرية والكرامة فبادرهم الأسد بالبراميل والقتل والتهجير والتدمير، وبالتالي وللأسف ما يحصده جزءٌ من العلويين السوريين اليوم هو ثمن قبولهم وتأييدهم للأعمال القذرة التي قام بها رئيسهم خلال سنوات حكمه.

بالتأكيد نحن لا نشجع على القتل والأحداث الحاصلة والدم المسفوك لكن كلمة الحق يجب أن تُقال، فالحقيقة وحدها تحرّر.

ما تكشّف عنه سقوط النظام من فظاعات ودمار  ومجازر لا يمكن أن يترك لدى الضحايا رحمةً أو مسامحةً، ومن هنا ضرورة أن تنتهج السلطة الجديدة في أسرع وقت برنامج العدالة الانتقالية “لتنقية الذاكرة الجماعية السورية” وتحقيق المصالحة الوطنية بعد محاكمة العناصر الفاسدة والمتمرّدة من فلول النظام السابق.

أي نظام جديد في سوريا لن يكون أسوأ من نظام آل الأسد ولن يكون أخطر من نظام السفاح بشار الأسد بحق شعبه أولاً وبحق قسمٍ كبير من اللبنانين الذين ذاقوا الأمرّين من طغيانه وإجرامه.

يبقى أن على البعض من اللذين في لبنان توقعوا وحللوا وبشّروا بقرب حصول تطورات دراماتيكية في سوريا أن يحالوا على القضاء اللبناني بتهمة التدخّل في شؤون دولة أجنبية بما شكّل خطراً على لبنان ومصالحه وأمنه وسيادته، فالتدخّل من لبنان في شؤون دولة أخرى ولو جارة ولو شقيقة من خارج أطر السلطة الشرعية في لبنان جرمٌ معاقبٌ عليه مهما كان.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: