هل يكرر “الحزب” في لبنان “تجريب المجرب” في غزة؟

3anaser

لا يختلف اثنان على دوام صلاحية وسريان مفعول وفاعلية وصحة نظرية العالم الفيزيائي المستحق صفة العبقرية البرت اينشتاين والذي عاش في الفترة الممتدة من 14 آذار 1879 و18 نيسان 1955، والتي تقول وتؤكد على ان “الغباء هو فعل نفس الشيء مرتين بنفس الاسلوب ونفس الخطوات وانتظار نتائج مختلفة”.

لا ننفك نتذكر هذه النظرية المثبتة في كل الميادين والمضامير الحياتية، والاجتماعية والعسكرية والاستراتيجية والسياسية، عند كل حدث وكل تطور وكل انعطافة على الساحتين العربية والاسلامية وخاصة في الشرق الاوسط ثقل الصراع الدائم الاسرائيلي العربي والغربي الايراني بالمباشر او بالواسطة وبالأذرع، وآخر استحضار لنظرية القيام بنفس الشيء ونفس الخطوات والحديث عن انتظار نتائج مختلفة عن ما سبقها هو في ما جرى من عودة اسرائيل الى الحرب التي وعدت وتوعّدت بها اثناء مفاوضات اتفاق وقف اطلاق النار في غزة ولدى توقيعه وبعده،بمساعدة حماس سواء بدراية وادراك أو بغيرهما.

لمن يستمع الى قادة حماس المتبقين من الجولة الأولى للحرب والى خطابهم في الجولة الثانية، يتأكد بأن نظرية اينشتاين ما زالت سارية المفعول على فكر وتصرفات واداء وتوقعات الذراع الايراني في غزة في تكرار القيام بنفس الافعال ونفس الخطوات واعتماد نفس اسلوب الجولات الست السابقة في غزة لتكون خطيئة عدم الادراك والغباء السياسي العسكري والاستراتيجي هي الطاغية في ظل عدم قراءة موازين القوى الجديدة بعد سقوط بشار الاسد واغتيال قادة المحور الايراني من فلسطينيين ولبنانيين ويمنيين وايرانيين وبعد فوز ترامب المؤيد بقوة لسياسة نتنياهو لا بل مزايد عليها تهجيرا وابعادا واقصاء وابادة… في حين ان حماس المماطلة المكابرة المسببة كانت قد صرّحت على لسان القيادي فيها باسم نعيم، في 17 كانون الثاني 2025: “ما كان لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة أن يحصل لولا دونالد ترامب” هذا الاتفاق الذي اعتبرته حماس انتصاراً واسرائيل هدنة محدودة الزمن.

انطلاقاً من ان ما جرى في لبنان في الفترة الممتدة من 8 تشرين الاول 2023 وحتى 27 تشرين الثاني 2024، كان سببه ومنطلقه وهدفه اسناد جبهة غزة المشتعلة بفعل طوفان الاقصى المكرر لـ11 ايلول في تداعياته الاستراتيجية الانقلابية، وانطلاقاً من التجارب غير المشجعة في قراءة الماضي البعيد والقريب واخذ العبر منه ومن دروس التاريخ والجغرافيا والاستراتيجيا والتوازنات المستجدة، يكاد الحزب يتورط بعد كل الضربات بتكرار تجربة المجرب في الاسناد الى حد الاجهاد والاجهاز عليه وعلى قادته مانحا الذرائع متملصاً من تواقيعه والوقائع المثبتة ميدانياً سياسياً اقليمياً ودولياً متبنياً لما حذر منه البرت اينشتاين متوقعاً احياء لعظامه وهي رميم بفعله نفس الشيء بنفس الخطوات ونفس الاسلوب الماضي… ولفهم ما يفعله الحزب مواربة ومخادعة عبر تصاريحه وتصاريح مؤيديه سواء في الحكومة او في مجلس النواب من المفيد التوقف عند ما توقعه امين عام الحزب نعيم قاسم من نتائج لمساندته في حال ادت الى الحرب اذ يقول في 4 آذار 2024 في مؤتمر “البنيان المرصوص”،  قبل انهياره على رؤوس قياديي الحزب وبيئته: “يهددوننا بالعدوان ونهددهم بالثبات والمقاومة والمواجهة ونقول لهم اذا اقدمتم على اي حماقة اتصوّر انها ستكون نسخة مطورة عن تموز عام 2006”.

وتصديقاً لنظرية اينشتاين كرر ذراعاً الممانعة في غزة ولبنان اعلانات الانتصار في كل هزيمة نكراء منيتا بها ولن تكون آخرها الطوفان والاسناد مع خشية وتوقع تكرارها مستقبلاً، في حين ان النتائج التي لم تختلف ولن تختلف باعتماد نفس الفعل مع نفس الخطوات ونفس الاسلوب معروفة ومؤلمة على الاذرع اياها وعلى بيئتهم وعلى اوطانهم ومواطنيهم وقد يكون خير تعبير عما توصّل اليه الحزب وحصّله من اسناده وحربه، التي يخشى ان لا تكون الاخيرة على غرار “انتصار غزة”، هو في  ما قاله جميل السيد في 19 كانون الثاني 2025: “تعليقاً على تبادُل الأسرى المتدرّج بدءًا من اليوم بين حماس وإسرائيل بحضور جماهير غزة ومقاتلي حركة حماس بسلاحهم علناً وممنوع اي تحليق اسرائيلي، ماذا كان ينقص لبنان ليكون إتفاق وقف النار فيه مماثلاً لغزّة؟ ولماذا لم تتوقف اسرائيل في اية لحظة خلال الاتفاق عن إستباحة الجنوب يومياً والتدمير وقتل الناس والخطف والتهجير والتحليق و…؟ في غزة كانوا يفاوضون من تحت الارض والحصار والقصف والقتل وإستطاعوا تحصيل ما لم نستطعه نحن، فكيف نجحوا وفشِلْنا؟ لماذا الإتفاق في لبنان هو بطعْم الهزيمة والاتفاق في غزة بطعْم الفخر والإنتصار؟ هي اسئلة كثيرة يظلّلها الشككّ والغضب والإهانة”.

كذلك نقرأ في “تكرار اعلانات الانتصار” حسب نظرية اينشتاين في  ما قاله مسؤول ملف الحدود والموارد في الحزب نواف الموسوي لتلفزيون الميادين تاريخ 3 آذار 2025 على ان “إنجازات الإسرائيلي التي يتفاخر بها ضدنا لم تكن ناجمة عن ذكاء، بل عن قصور لدينا وأحياناً تقصير، مثل هجوم البيجر” الذي أودى بحياة 37 مقاتلاً وجرح أكثر من 4 آلاف شخص.. وكان يفترض بالسيد الشهيد حسن نصر الله (رحمه الله) أن يتخفى، لا أن يكتفي بالاحتماء فقط، وأن يتخذ تدابير أكثر حذرًا…

لكن من الواضح أن السيد والمجموعة التي كانت معه وقت استشهاده اتخذوا قرار البقاء في الضاحية الجنوبية استنادًا إلى ثقة في اتفاق الهدنة المعلن لمدة 21 يومًا، ولم يتوقعوا أن نتنياهو كان يكذب ويمكر ويخطط لخرق هذا الاتفاق… وصفي الدين أخطأ ببقائه في نفس مكان اغتيال نصر الله… كيف أنّ الجهات المعنية في الحزب لم تبادر إلى فحص أجهزة البيجر”.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: