لهذه الأسباب بدأت المواجهة بين المقترضين والمودعين

money3

عنوان واحد يختصر مشهد المواجهة الناشئة اليوم على خلفية النقاش في ملف ودائع اللبنانيين والإنهيار المالي وتحديد الخسائر والمسؤوليات، هو استرجاع أموال اللبنانيين التي هدرت من دون أي وجه حق وعبر طرق مختلفة وأدت كلها إلى نتيجة واحدة، وهي بقاء المودع رهينةً للقرار السياسي الذي يمنع أي معالجات أو خطوات تعيد الحقوق إلى أصحابها.

لكن اللافت في هذا المجال انتقال المواجهة من ضفة إلى أخرى، حيث بدأت المعركة باكراً وقبل أي تشريع يبحث بكيفية حل "معضلة الودائع"، بين المودعين على اختلاف فئاتهم من جهة، وكبار المقترضين الذين يركزون على محاربة أي توجه سبق وانطلق من كواليس البحث في مصرف لبنان المركزي من جهة أخرى، عن سبل فرض ضريبة محقة على أصحاب الديون الضخمة التي تقدر بعشرات الملايين من الدولارات وليس القروض الشخصية لأصحاب الدخل المحدود، بعدما استفاد المقترضون الكبار من قرار سياسي سمح لهم بتحقيق الثروات على حساب المودعين، حتى أن البعض منهم يتباهى اليوم بـ"حظه" و"ثروته غير المشروعة" التي حصل عليها بسبب رد قرضه الضخم بقيمة متدنية بالليرة أو باللولار.

باختصار، فإن المعركة الشرسة التي يخوضها المودعون الآن، قد باتت على خطين ومقابل عدوين الأول يتمثل بالذين راكموا الملايين ويرفضون تحقيق العدالة من خلال رد ديونهم بالعملة التي حصلوا عليها من المصارف وذلك بصرف النظر عن انعكاس هذا الأمر على ودائع اللبنانين في القطاع المصرفي بشكل عام.

أما العدو الثاني وهو قديم جديد، يقوده أصحاب مشروع شطب المصارف وضمناً شطب الودائع، وهم مجموعة "كلنا إرادة"، التي التقت وتقاطعت مصالحها مع مصالح كبار المقترضين والمتمولين، واتحدت معهم في جبهة واحدة في وجه المودعين الذين طالبوا برد القروض التي دفعت وفق سعر 1500 ليرة للدولار بقيمتها الحقيقية، الأمر الذي يناقض حقوق المودعين ايضاً.

وإذا كان المودعون منقسمين بين جمعية تسعى إلى استرجاع ورد الحجم الأكبر الممكن من الودائع، وجمعية لا تريد إلا رد 100 ألف دولار للمودع من الودائع فقط والحفاظ على كل الباقي منها، فهذه الودائع لن تعود كما ترتأي "كلنا ارادة".

لذا فإنه لا يمكن إسقاط دور المصارف أو مسؤوليتها كما دور المسؤولين السياسيين الذين خلطوا ما بين القروض الشخصية والتجارية ولم يفرقوا بين دين سكني لأصحاب الدخل المحدود أو قرض سيارة أو قرض محدود القيمة لمشروع تجاري، وبين ديون كبيرة بملايين الدولارات تم تخصيصها لإطلاق مشاريع عقارية ضخمة في لبنان أو في الخارج وحققت عائدات تفوق التوقعات.

إن المودعين لا يطالبون إلا بحقهم وديعتهم في المصارف فهل هذه المطالبة خطيئة لا تغتفر، وكما ذكر موقعنا في السابق أن المعركة على القروض الكبيرة اي بين المودع والمقترضين الكبار، وسيكون لدينا سلسلة مقالات لتبيان الحق المفقود، والمثال الأكبر على صحة ما كتبنا، ها هي نائبة المبعوث الأميركي مورغان اورتاغوس تقول إن الحل في لبنان يبدأ عبر المصارف الحالية وليس عبر إلغائها كما خططت الجمعية المذكورة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: