سلاح “الحزب” ومطاف فشل الخطة الخمسينية في لبنان

SL

في رسالة وجهت من مجلس الشورى للثورة الثقافية الإيرانية إلى المحافظين في الولايات الإيرانية في عهد الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي (الإصلاحي) أقر مبدأ تصدير الثورة الايرانية وفقاً لتوجيهات وتعاليم مرشد الثورة المؤسس اية الله الخميني الذي وغداة انتصار الثورة العام ١٩٧٩ واثناء احتفالات الذكرى السنوية الاولى في ١١/٢/١٩٨٠ اعتبر ان تلك الثورة لن تقف عند حدود إيران بل ستنتشر في العالمين الإسلامي والعربي وبخاصة في العراق ودول الخليج ولبنان لتصل الى مختلف أنحاء العالم.

وبناء على هذا التوجه بما عرف لاحقاً بتصدير الثورة أسست الجمهورية الإسلامية في إيران منظمات عسكرية قامت بتولي الشق “الوسخ” من المهمة من خلال أعمال العنف والتنكيل والسيطرة بقوة السلاح على الحكومات والدول في المنطقة كما في سوريا ولبنان والعراق.

لن نغوص أكثر في التاريخ والعقيدة بل دعونا وانطلاقاً مما ذكرنا أعلاه نتوقف عند الآتي:

أولاً: إثر هزيمة إيران في حربها مع العراق ايام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ووفاة الخميني، أعادت القيادة الإيرانية النظر في أساليب وتكتيكات تصدير الثورة فرسمت بناء عليه خطة جديدة اصطلح على تسميتها بالخطة الخمسينية اي خطة تصدير الثورة لخمسة عقود من الزمن .

ثانياً: باشرت منظمات وأذرع النظام الإيراني في المنطقة تنفيذ مراحل هذه الخطة من داخل دولها وقد بدأ تنفيذ المرحلة الاولى بنجاح اذ تمكنت تلك المنظمات ومنها حزب الله من استقدام شيعة الخارج إلى داخل الدول العربية المستهدفة وإنشاء علاقات مع بعض المسؤولين واصحاب النفوذ السياسي والمالي تمهيداً لإيجاد نوع من شرخ ديمغرافي من خلال إسكان رعايا شيعة في تجمعات لطوائف ومذاهب اخرى في كل بلد من الدول المستهدفة، ونذكر في هذا السياق الحملات المبرمجة التي قام بها حزب الله على سبيل المثال في مناطق نفوذه حين هجر أبناء الطائفة السنية تحديداً من بعض المناطق في الجنوب والبقاع للحلول مكانهم وإحلال رعايا شيعة مكانهم .

ثالثاً: نجحت المنظمات وأذرع ايران في المنطقة كما حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق ومنظمات النظام الإيراني في سوريا مع نظام بشار الاسد في الانتقال للمرحلة الثانية من الخطة الإيرانية الفارسية لتصدير الثورة حيث انضوت تلك المنظمات كلا ضمن الدولة التي تعمل فيها تحت لواء القوانين القائمة وانطلاق حركة تغلغل في مفاصل الدولة الامنية والاستخبارية والسياسية والامنية والحكومية، ومن هنا نفهم كيف نجح الحزب في لبنان مثلا في الدخول في الحياة السياسية اللبنانية والوصول إلى السلطة ضمن الدستور والقوانين وصار له نواب ووزراء وعملاء في مختلف مفاصل الدولة اللبنانية في تلك المرحلة تلك المراكز الذي يتخذها حزب ألله ذريعة لشرعيته كلما يسأل عن انتمائه ونهجه والأجندة الايرانية التي يعمل بها في لبنان، فالوصول إلى السلطة واحكام السيطرة على مفاصل الدولة خطوات لا بد منها في المرحلة الثانية لاحكام السيطرة والتحكم بالدول وقراراتها من داخل الأنظمة والدساتير.

وفي هذه المرحلة الثانية نجح الحزب كما نجح باقي أذرع نظام ولاية الفقيه في إثارة الاضطرابات وتحريض أجهزة الدولة على أبناء المذاهب الاخرى وخاصة الاسلامية لتتحول أجهزة الدولة إلى أداة قمع ضد فريق لبناني كبير ومؤسس لدولة لبنان.

رابعاً: نجح الحزب كما اذرع ايران الأخرى في المنطقة في المرحلة الثالثة من الخطة الخمسينية في ترسيخ العلاقات مع اجهزة الدولة والقضاء وتشجيع هجرة رؤوس الأموال إلى ايران وضرب اقتصاديات دول المنطقة ومنها لبنان حيث انحدر الوضع الاقتصادي إلى الهاوية وفجرت الأزمات المالية والمصرفية والاقتصادية وفق معادلة: السلاح لحماية الفساد والفساد لحماية السلاح.

خامساً: في المرحلة الرابعة نجح ايضا حزب الله كما اذرع ايران الأخرى في المنطقة في تبوء المراكز والمناصب الحكومية الحساسة سواء في الأجهزة الامنية او القضائية او الإدارية او الوزارية وبدأت حملة شراء الأراضي والعقارات في مناطق من غير بيئته الحاضنة وسط ازدياد نقمة الفرقاء الوطنيين الآخرين على الدولة التي تحولت اداة بيد الحزب محكومة به ومنفذة لتوجهات وسياساته .

سادساً: مع سيطرة المنظمات الإيرانية المصدرة للثورة في بعض الدول العربية كما في لبنان وسوريا والعراق واليمن فقدت الدول عوامل قوتها الامنية والاقتصادية وانهارت منظوماتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وهذا بالضبط مآل المرحلة الخامسة من الخطة حيث أصبحت تلك الدول “المحتلة” إيرانياً تحت رحمة وسيطرة وتحكيم وحوكمة المنظمات كما في لبنان مع حزب الله، فسرق حزب الله في لبنان السلطة من الحكام والمحكومين كما تنص الخطة بحذافيرها.

لكن كل تلك المراحل التي قطعها الحزب كما باقي الأذرع الإيرانية لم توصله إلى بر الامان اذ وبفضل تسرع وحماقة القيادات ادخل الحزب ومعه كل الأذرع الأخرى لنفسه بالهلاك، إذ وتحت شعار الإسناد لغزة فشل حزب الله في لبنان وحماس في غزة في رمي إسرائيل في البحر وفي الصلاة في القدس، فبدل ان تكون المرحلة الخامسة تتويجاً لخطة اختتمت بويلات على الحزب وحماس كما في سوريا مع سقوط النظام الاسدي ما انعكس على قوة وسيطرة تلك المنظمات في داخل كل دولة محتلة، فضعف الحزب في لبنان بعد الحرب الأخيرة وانهارت حماس وانهار نظام بشار الاسد في سوريا وبالتالي لم يعد بامكان اي منهم ان يقدم نفسه كما ارادته الخطة في المرحلة الخامسة والاخيرة على امه مخلصين ومعاضدين للحكام لمساعدتهم على ضبط اوضاع البلدان المنهارة.

فشل الحزب بذلك في لبنان في قطف ثمار عقود من السيطرة والطغيان وها هو اليوم في لبنان يجر وراءه اقدام الخيبة وانكسار سلاحه ومعادلات التوازن الذي سمي يوماً بالاستراتيجي والذي انهار كلياً . كل المراحل التي قطعها الحزب بنجاح في تنفيذ خطة الخميني الخمسينية خسرها دفعة واحدة بيده وبسببه وبفعله المتهور دليل قاطع على ان السلاح بنهاية المطاف قتل صاحبه ولم يوصله إلى اي انتصار .

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: