جفاف غير مسبوق يُهدد محاصيل القمح في سوريا

images (1)

في خضمّ جفاف غير مسبوق منذ عقود يهدّد أكثر من 16 مليون سوري بانعدام الأمن الغذائي، وفق الأمم المتحدة، تتنافس السلطة السورية والإدارة الذاتية الكردية على شراء محاصيل القمح من المزارعين هذا العام، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وتضرّر نحو 2.5 مليون هكتار تقريباً من المساحات المزروعة بالقمح جراء الظروف المناخية السيئة، وفق ما أفادت به منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة، ما سيدفع السلطات إلى الاعتماد بشكل متزايد على الاستيراد، بعدما كانت البلاد تُحقق اكتفاءها الذاتي من القمح قبل اندلاع النزاع عام 2011.

وقالت مساعدة ممثل الفاو في سوريا، هيا أبو عساف، إن الظروف المناخية القاسية التي شهدها الموسم الزراعي الحالي تُعد الأسوأ منذ نحو 60 عاماً، مشيرة إلى أن تلك الظروف أثرت على نحو 75 في المائة من المساحات المزروعة، والمراعي الطبيعية للإنتاج الحيواني.

وشهدت سوريا موسم شتاء قصيراً وانخفاضاً في مستوى الأمطار. وجراء ذلك، تضرر وتأثر نحو 95 في المائة من القمح البعل، بينما سيعطي القمح المروي إنتاجاً أقلّ بنسبة 30 إلى 40 في المائة من المعدل المعتاد، وفق مؤشرات الفاو.

وأوضحت أبو عساف أن هذا الأمر سيؤدي إلى فجوة تتراوح بين 2.5 و2.7 مليون طن، ما من شأنه أن يضع نحو 16.3 مليون إنسان أمام خطر انعدام الأمن الغذائي في سوريا هذا العام.

قبل اندلاع النزاع في العام 2011، كانت سوريا تُحقّق اكتفاءها الذاتي من القمح مع إنتاج 4.1 مليون طن سنوياً. لكن مع توسّع رقعة المعارك وتعدد الأطراف المتنازعة، تراجع الإنتاج إلى مستويات قياسية، وباتت السلطات مجبرة على الاستيراد، خصوصاً من روسيا.

مكافأة تشجيعية

تتنافس السلطات السورية والإدارة الذاتية الكردية التي تشرف على منطقة واسعة في شمال وشمال شرقي البلاد، على شراء محاصيل القمح من المزارعين. وأعلن الطرفان، اللذان وقّعا اتفاقاً لدمج مؤسسات الإدارة الذاتية في إطار الدولة السورية دون أن يتم تنفيذه بعد، عن مكافأة مالية تُضاف إلى السعر التجاري للطن الواحد.

حددت وزارة الاقتصاد سعر شراء طن القمح بين 290 و320 دولاراً تبعاً للنوعية، تُضاف إليها مكافأة تشجيعية بقيمة 130 دولاراً، بناء على قرار رئاسي، في خطوة تهدف إلى تشجيع المزارعين على تسليم محصولهم إلى المؤسسة العامة للحبوب، وفق مسؤول حكومي.

في شمال شرقي سوريا، حدّدت الإدارة الذاتية الكردية سعر طن القمح بـ420 دولاراً، يشمل دعماً مباشراً بقيمة 70 دولاراً على كل طن، في خطوة تهدف إلى تعزيز قدرة المزارعين على الاستمرار والإنتاج.

وكانت السلطات السورية قد حددت العام الماضي سعر الطن بـ350 دولاراً، مقابل 310 دولارات في مناطق الإدارة الذاتية.

تأتي هذه التسعيرة على وقع تدني الإنتاج وأزمة الجفاف غير المسبوقة منذ نحو ستة عقود، وفق خبراء ومسؤولين.

وتتوقع وزارة الزراعة السورية حصاد 300 إلى 350 ألف طن من القمح في مناطق سيطرة الحكومة. وتعتزم المؤسسة العامة للحبوب شراء 250 إلى 300 ألف طن منها، بحسب ما صرح مديرها حسن عثمان للتلفزيون السوري.

وشدّد عثمان على أن الاكتفاء الذاتي غير محقّق، لكن المؤسسة تعمل على توفير الأمن الغذائي عبر استيراد القمح من الخارج وطحنه في المطاحن الحكومية.

ووصلت خلال الأشهر الماضية باخرة محمّلة بالقمح من روسيا إلى مرفأ اللاذقية، وأخرى إلى ميناء طرطوس. كما أعلن العراق عن نقل 220 ألف طن من القمح هدية للشعب السوري.

فقر وجوع

في ريف عامودا، شمال شرقي سوريا، يتفقّد جمشيد حسو (65 عاماً) سنابل القمح التي تغطي 200 هكتار مروية. وقال إنهم بذلوا مجهوداً كبيراً في زراعة القمح المروي بسبب تدني نسبة هطول الأمطار، مشيراً إلى أن الأرض سُقيت 6 مرات بواسطة المرشات المائية، ورغم ذلك بقي طول السنابل قصيراً وإنتاجها قليلاً وحبوبها صغيرة.

واضطر حسو، الذي يعمل مزارعاً منذ أربعة عقود، إلى إنزال المضخات إلى عمق تجاوز 160 متراً بسبب انخفاض منسوب المياه الجوفية من أجل ريّ حقله، ومع ذلك بقي الإنتاج ضعيفاً جداً.

وبحسب منظمة الفاو، شهد مستوى المياه انخفاضاً كبيراً جداً مقارنة بالسنوات الماضية، في مؤشر مقلق.

ويفاقم الجفاف الذي يؤثر على محاصيل زراعية متعددة وعلى الثروة الحيوانية، الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها السوريون بعد 14 عاماً من نزاع مدمر.

وتلعب المداخيل الزراعية دوراً أساسياً في تنشيط الاقتصاد المحلي وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين معيشة السكان، خصوصاً في المناطق الريفية.

وقال حسو: ما لم يُقدَّم لنا الدعم، فلن نستطيع الاستمرار. لن يكون بمقدورنا حراثة الأرض وريّها مجدداً، لأننا نسير إلى المجهول، ولا يوجد بديل آخر.
وأضاف: يعاني الناس من الفقر والجوع.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: