الدوائر المعنية ما انفكّت تمعن في قراءة أبعاد الزج المفاجئ باسم “المقاتلين الأجانب” المكلّفين الذهاب إلى خطوط مواجهة محتملة على الحدود مع لبنان.
ليست المرة الأولى تنطلق روايات وسرديات عن حشود عسكرية دخلت الجانب السوري من الحدود مع منطقة البقاع الشمالي، مقدمة لفتح أبواب مواجهات محتملة.
لكنها بالتأكيد المرة الأولى يزج باسم “المقاتلين الأجانب”، أي الإيغور والشيشان والتركمانستان، في التموضع والانتشار على الجانب السوري من الحدود مع لبنان.
وعلى الرغم من أن المصادر الأمنية الرسمية اللبنانية نفت خلال الساعات الـ36 الماضية كل المعلومات الواردة عن تلك التحشيدات، والتي دعمها الجيش اللبناني ببيان دعا فيه وسائل الإعلام إلى توخي الدقة والموضوعية، فإن الدوائر المعنية بالأمر ما انفكت تمعن في قرءاة أبعاد الزج المفاجئ باسم “المقاتلين الأجانب” المكلفين الذهاب إلى خطوط مواجهة محتملة على الحدود مع لبنان.
وترى هذه الدوائر أن ثمة استحضاراً متعمداً لعنوان المقاتلين الأجانب إلى ميدان المواجهة التي يراد لها أن تكون مفتوحة، على رغم اللقاءات والاجتماعات المكثفة بين لجان لبنانية – سورية أُلّفت لمهمة ضبط الحدود وتنظيم العلاقات بين البلدين من هذه البوابة.
ومع أنّ الدوائر عينها تتعامل مع أنباء الحشود الحدودية كجزء من الضغوط المتنوعة التي تمارس منذ فترة ضد حزب الله بهدف إحكام الحصار عليه، فإن استحضار المقاتلين الأجانب يبقى مادة ذات قيمة مضافة في سياق الصراع المفتوح، تستبطن أمرين:
الأول أن على “الحزب” ولبنان عموما أن يرفعا مستوى التحسب والخشية إلى أقصى الحدود، ويتهيأ لمرحلة متطورة من المواجهات وألوان الضغوط، لأنهما سيتعاملان مع صنف محترف وعالي الخبرة ومندفع إلى أقصى الحدود، هم الإيغور.
وأفاد الباحث في القضايا الإستراتيجية العميد الياس فرحات، بأن الإيغور المنتمين إلى إحدى الإثنيات الصينية، والمقدر عديدهم بـ18 ألف مقاتل، استحضروا إلى الساحة السورية منذ الأعوام الأولى لاندلاع المواجهات هناك، واستلزم إحضارهم عملية “هجرة” منظمة وضخمة كانت عبارة عن اقتلاع، إذ جيء بهم مع عائلاتهم لتكون هجرتهم بلا عودة، وعُهد إليهم في المهمات الصعبة التي تحتاج إلى قدر كبير من التضحيات والجهد. وهذا عائد إلى أنهم يملكون خبرات تقنية عالية تسمح لهم باستخدام الأسلحة المتطورة، وبناء عليه وضعوا في مواجهة القوات الروسية في سوريا وخصوصا قاعدة حميميم في الساحل السوري، ولقد برعوا في استخدام المسيّرات وأنزلوا خسائر بالقوات الروسية.
أما الأمر الثاني فهو أن حكام دمشق الحاليين شاؤوا أن يزجوا باسم الإيغور في هذه المرحلة ليردوا بشكل غير مباشر على العواصم الغربية التي طالما دعتهم إلى التخلص من عبء “المقاتلين الأجانب” قبل أن تعود وتكف عن هذا المطلب نزولاً عند مشورة سورية بضرورة عدم تشريدهم.
لذا فإن زج اسم الإيغور على الحدود مع لبنان، ترى فيه مصادر على صلة بـ”الحزب” رسالة إلى إسرائيل ومن يعنيهم الأمر فحواها أن لا خوف من الخطر المستقبلي لهؤلاء على إسرائيل لأنهم أعدّوا لمهمة أخرى من شأنها أن تسرّ خاطر إسرائيل وتبدد مخاوفها.
ولكن ماذا عن رد فعل الحزب على كل المعلومات؟ ما زال حتى الساعة يتعامل بقلة اكتراث مع كل المعلومات عن الحدود الشرقية لأنه سبق أن أعلن أنه ليس في وارد فتح مواجهات مع نظام أحمد الشرع، لذا فهو يرفض التعليق، وأمر الحدود الشرقية بالنسبة إليه شأن الدولة اللبنانية وحدها.