البطريرك الراعي في عظة الأحد: الشعب بالإنتخابات يحاسب الجماعة السياسية على ما جنت عليه وعلى ما اقترفته بحق لبنان

البطريرك الراعي في عظة الأحد: الشعب بالإنتخابات يحاسب الجماعة السياسية على ما جنت عليه وعلى ما اقترفته بحق لبنان

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي لمناسبة عيد الأب على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي “كابيلا القيامة”.
بعد الانجيل المقدس القى البطريرك الراعي عظة قال فيها:

المسؤولون في الدولة، قد دعاهم الشعب لتسيير مؤسّسات الدولة. “فالشعب هو مصدر السلطات وصاحب السيادة (مقدّمة الدستور، د)، وبهذه الصفة هم مقلّدون سلطاناً سياسيّاً وإدارياً وعسكرياً من الدستور، ومؤتمنون على رسالة توفير الخير العام، وإنماء المواطن والمجتمع، وتحقيق ازدهار البلاد.
هذه الثلاثة معايير أساسيّة لحسن الاختيار والإدلاء بالصوت الحرّ في الإنتخابات النيابيّة والبلديّة المقبلة التي تهيّء انتخاب رئيس الجمهوريّة الجديد، في السنة المقبلة.
فالشعب بالإنتخابات يحاسب الجماعة السياسيّة على ما جنت عليه، وعلى ما اقترفته بحقّ لبنان. شعب لبنان مدعوّ ليقظة وطنيّة ولجعل الإستحقاقات الإنتخابيّة في أيّار 2022 مناسبة فريدة ليقدموا لبلادنا نخباً حاكمة جديدة تتولّى قيادة النهضة الجديدة، وتطلق لبنان في رحاب التقدّم والنجاح، بفضل ما يمتلك شعبنا من طاقات وقدرات.
هذه هي “الثورة” الحقيقيّة التي ندعمها ونعمل على توحيد رؤيتها، وتوجيه جهودها، ونرى فيها المستقبل المرجوّ للبنان.
ومّما يزيدنا عزماً على دعم القوى اللبنانيّة الحيّة الواعدة هو رؤية الجماعة السياسيّة عندنا تُعطي أبشعَ صورةٍ عن لبنان، بل أسطعَ دليلٍ على إفلاسِها وعدمِ أهليّتِها لحكمِ الشعبِ والبلاد. كان الشعب يَنتظر ولادةَ حكومةٍ فإذا به يَشهَدُ مسرحيّةَ تقاذفٍ إعلاميٍّ تَكشفُ البعدَ الشاسعَ بين الجماعةِ السياسيّةِ والمواطنين. الشعبُ يبَحث عن مصيرِه والجماعةُ السياسيّةُ تَبحث عن مصالحها. الشعبُ يُطالبُها بالخبزِ والدواءِ وهي تَختلِقُ بِدعةَ الصلاحيّات. الشباب يبحثون عن مستقبلهم في لبنان وطنهم، والجماعة السياسيّة تبحث عن مستقبل مغانمها وبقائها في السلطة.
يعطّل المسؤولون تشكيل الحكومة بسبب الصلاحيّات، على ما يقولون. فنسأل عن أيّة صلاحيّات تتكلّمون؟
هل تريدون إطعامَ الشعبِ بالصلاحيّات؟ وتوفيرَ الدواءِ بالصلاحيّات؟ وردَّ أموالِ المودِعين بالصلاحيّات؟ ووقفَ الهِجرةِ بالصلاحيّات؟ وتأمينَ المحروقاتِ بالصلاحيّات؟ وإيجادَ فرصِ عملٍ بالصلاحيّات؟ تتحدّثون عن صلاحيّاتٍ وحقوقٍ وجميعُكم تتصرّفون خارجَ الدستورِ وخارجَ الصلاحيات. تتصرّفون كأنّكم في حفلِ تسليمِ البلادِ إلى الفوضى، والدولةِ إلى اللادولةِ، والسلطةِ إلى اللاسلطة. نحن لا نشكو من قِلّة الصلاحيّات، بل من قلّة المسؤوليّة. إنّنا إذ نتطلّع إلى مؤتمر دعم الجيش الذي دعا إليه الرئيس الفرنسيّ مؤخّراً بعين الإمتنان والشكر، نطالب، أكثر من أي وقت مضى، كلّ الحريصين على المؤسّسة العسكريّة الضامنة للوحدة الوطنيّة والسلم الأهليّ من مقيمين ومغتربين إلى حشد كل طاقاتهم دعماً لهذه المؤسّسة حتى تستمرّ في القيام بمهامها وسط التحديات غير المسبوقة التي تواجه جنودنا الأبطال المدافعين عن سيادة لبنان وكرامته.
إنّ جيشنا الذي يَحظى بتأييدِ الشعبِ ومساندةِ المجتمعِ الدوليِّ، حاضرٌ في كلٍّ لحظةٍ للتصدّي بشجاعةٍ وحزمٍ لأيِّ إخلالٍ بالأمنٍ. وعليه حان الوقتُ لأنْ تَحسمَ الدولةُ اللبنانيّةُ موقفَها وتَحصُرَ اعترافَها به دون سواه مسؤولًا شرعياً وحيداً عن سيادةِ لبنان واستقلالِه وسلامة أراضيه. وما نقوله عن الجيشِ اللبنانيِّ، نقوله أيضًا عن سائرِ المؤسّساتِ الأمنيّةِ في الدولة التي تَستحق ّكذلك الدعمَ والتأييد. إنّ المؤسّسة العسكريّة القويّة التي تفرض سيادة الدولة في الداخل وتحميها من الخارج هي عنصر أساس في حياد لبنان الإيجابيّ الناشط.
فلنصلِّ إلى الله كي يحقّق أمنيات شعبنا، ويثبّته في الرجاء، ويمسّ ضمائر المسؤولين وقلوبهم لكي يبقى لبنان صاحب رسالة واستقرار في المنطقة، تمجيدًا لله.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: