تترقب الأوساط السياسية اللبنانية بفارغ الصبر القرار الذي سيصدر عن مجموعة دول الاتحاد الأوروبي في ختام اجتماعها اليوم في ضوء التقرير الذي أعده ممثلها الأعلى للشؤون السياسية الخارجية والأمنية جوزيب بوريل في جولته على القيادات اللبنانية المعنية بتشكيل الحكومة على الرغم من أنه لم يحمل معه إلى بيروت أي أفكار جديدة تدفع باتجاه إخراج تأليفها من التأزم الذي يحاصرها، واقتصرت مهمته على عقد جلسات خُصّصت للاستماع إلى وجهات نظر الرؤساء المعنيين بتأليفها حول الأسباب التي لا تزال تعيق تشكيلها وإن كانوا أكدوا له من موقع الاختلاف تمسكهم بالمبادرة الفرنسية.
وعليه أنهى بوريل زيارته لبيروت بخلاصة “أن جوهر الأزمة الحكومية في لبنان ينبع من تناحر الزعماء اللبنانيين على السلطة”، وحثهم على “تنحية خلافاتهم جانباً وتشكيل حكومة أو المخاطرة بانهيار مالي كامل والتعرض لعقوبات”. وكشف إنه وجه رسالة صريحة مفادها أن بعض الزعماء قد يواجهون عقوبات إذا استمروا في عرقلة الخطوات الرامية لتشكيل حكومة جديدة وتنفيذ إصلاحات تمس الحاجة إليها. ولفت بحسب “النهار” الى أن “البلد يواجه مشكلات مالية كبيرة ومن أجل حل الأزمة الاقتصادية يحتاجون إلى حكومة.. أي سفينة في خضم العاصفة بحاجة إلى قبطان وإلى طاقم حتى يعمل النظام والإ سيكون مصيرها الغرق”.
وكشفت المعلومات لـ “اللواء” أن بوريل أبلغ رئيس الجمهورية استعداد دول الاتحاد الأوروبي لأي مساعدة للبنان وإنجاز المشاريع إنما لا يد من قيام تفاهم مسبق مع صندوق النقد الدولي أي أن تكون الحكومة أنجزت خطة مع الصندوق وبالتالي الاتحاد جاهز للمساعدة مؤكدة أن بوريل سأل عن الخطوات التي أنجزتها الحكومة في موضوع الإصلاحات وإن رئيس الجمهورية رد على كل النقاط التي طرحت وشرح بالتفصيل الأسباب التي جعلت العملية الحكومية تتأخر والعراقيل التي وضعت في ملف التدقيق الجنائي كما أشار إلى موضوع الشراكة الوطنية وانعكاسات أزمة النازحين على لبنان. وفهم أن دوريل ابدى حرصه على ان يقدم في الاجتماع الأوروبي المقبل عرضا لتشجيع الاتحاد الأوروبي على الوقوف إلى جانب لبنان بشكل أكبر وكشفت أن بوريل ذكر أكثر من مرة الاستعداد لتقديم المساعدة المالية للمساعدة على حل المشكلة المالية في لبنان.
اشار مصدر شارك في احد لقاءات المسؤول الاوروبي جوزيف بوريل إلى ان زيارة الاخير الى لبنان ،هي للاطلاع على واقع الأوضاع عن كثب والاستفسار من كل المعنيين الذين التقاهم عن الاسباب التي تعيق تشكيل الحكومة الجديدة وقالت: ان المسؤول الأوروبي لم يحمل معه اي خطة او افكار محددة لحل ازمة تشكيل الحكومة، ولكنه نقل قلق الاتحاد واستياءه البالغ لكل من التقاهم من تعطيل تشكيل الحكومة، مستغربا دعوات البعض طلب مساعدة الاتحاد لحل ازمة التشكيل المتعثرة ،وابلغهم بلغة صريحة وحازمة، بأنه عليهم تجاوز خلافاتهم والمباشرة سريعا بتشكيل الحكومة، لأنهم اذا لم يساعدوا انفسهم، فلن يستطيع احد من الدول الصديقة والشقيقة مساعدتهم.
لبنانياً، أطاح رئيس “التيار الوطني الحر” في إطلالته المتلفزة أمس بمبادرة بري الحكومية واستعاض عنها بمحاولة “دق إسفين” بين نصرالله ورئيس المجلس النيابي “من خلال التلطي خلف عباءة الأول في سبيل استهداف الثاني”، بحسب تعبير مصادر سياسية رأت أنّ باسيل بكلامه هذا “أكد المؤكد وعقّد المعقد”، معتبرةً أنه “ذهب بعيداً في عملية قلب الطاولة على تشكيلة الـ24 وزيراً تحت شعار أنّ صيغة الـ888 تختزن “مثالثة مقنّعة”، وصولاً إلى إعادة الأمور إلى مربعها الأول عبر المطالبة بأن تشمل المداورة حقيبة المالية، وبإقرار مهلة دستورية لا تتجاوز الشهر للرئيس المكلف للتأليف ورئيس الجمهورية للدعوة إلى استشارات التكليف”.
وعليه، قالت مصادر سياسية مطلعة لـ”اللواء” أن المواقف السياسية التي أطلقت في الساعات الماضية حول الملف الحكومي وسفر رئيس الحكومة المكلف يقدمون دلائل واضحة على التعثر القاتل في الملف الحكومي واعتبرت أنه لا بد من رصد ردود الفعل على هذه المواقف لمعرفة الخطوات التالية بشأنه مشيرة إلى أن الحركة الخارجية تجاه لبنان من خلال زيارة بوريل بقيت في إطار الاستطلاع والاستفسار عن الصعوبات التي تحول دون تأليف الحكومة .
وفي خلاصة طرحه لمخارج الحلول للأزمة الحكومية القائمة، بدا واضحاً أنّ رئيس “التيار الوطني الحر” يدفع باتجاه توجيه الرئاسة الأولى الدعوة إلى عقد طاولة حوار تعيد تعويمه بعد إقصائه عن طاولة مجلس الوزراء، قائلاً: “طبعاً بدّنا نكون إلى الطاولة ومش بإذن من حدا”، راسماً جدول أعمال الحوار العوني بدءاً “من حل مشكلة الحكومة” وصولاً إلى “الاتفاق على النظام السياسي وعلى الخيارات الكبرى بما يخصّ تموضع لبنان”.