لا تتوقّع أوساط ديبلوماسية غربية، أن يشهد مسار العقوبات الأوروبية ضد المسؤولين عن نسف المبادرات الحكومية والمتورّطين بالفساد في لبنان أية تطوّرات دراماتيكية، من شأنها أن تؤثر بشكل مباشر على المعادلة السياسية القائمة على التعطيل لكل المحاولات الجارية للوصول إلى الحد الأدنى من التفاهم بين الأطراف المعنية على صيغة حكومية، تُخرج البلاد من دوّامة الإستنزاف لكل مقوّمات الإستمرار للدولة ومؤسّساتها على المستوى المالي في الدرجة الأولى، وصولاً إلى الخدمات الحيوية للمواطنين، والتي تتراجع بشكل سريع.
وعلى الرغم من حال الإشتباك الدائمة ما بين طرفي التشكيل، فإن الأوساط، تكشف عن تقاطع غير مقصود لجهة التريّث في اتخاذ أي خطوة قد تحمل طابع التراجع أو التنازل عن سقف الشروط الموضوعة لتسهيل التأليف، والتي ترتبط كلها بالحصص الطائفية وليس بالبرامج الإنقاذية، وبالتالي فإن الإتحاد الأوروبي يتّجه إلى عدم البتّ سريعاً في العقوبات المرتقبة، ومن المحتمل أن لا يتم الإعلان عن أية لوائح أوروبية تتضمّن أسماء الشخصيات اللبنانية المُستهدفة بهذه العقوبات، إذ أن التوجّه هو لإبقاء سيف العقوبات فوق الجميع ومن دون تحديد أي طرف معين، وذلك في سياق توظيف هذا التهديد لمصلحة الدفع باتجاه الخروج من دائرة التعطيل.
ومن الناحية العملية، تُضيف الأوساط الديبلوماسية نفسها أن عملية استكشاف مدى جدّية وفاعلية أية عقوبات في الإفراج عن الحكومة قد كشفت عن مستوى منخفض من الفاعلية، خصوصاً إذا اعتبر المُستهدفون بها، أنهم لم يعد لديهم أي شيء ليخسروه وذهبوا نحو التصعيد، وربما ضرب معادلة الإستقرار العام على الساحة اللبنانية، حيث ما زال الوضع الأمني مضبوطاً ومنعزلاً بالكامل عن كل ارتدادات الحملات والتراشق السياسي بين القوى المحلية، وبالتالي فإن أي موعد محتمل لصدور لوائح أوروبية تحمل أسماء المسؤولين الذي سيتعرّضون للملاحقة ومنع السفر وحجز الأصول، وصولاً إلى التحقيق في مصدر ثرواتهم لن يكون قريباً كما كان متوقّعاً منذ أسابيع، ما يؤشّر إلى فترة سماح سيمنحها المجتمع الدولي، وليس فقط الإتحاد الأوروبي للأطراف اللبنانية، لكي تسعى مرة جديدة للوصول إلى اتفاق سياسي يسمح بانتشال لبنان من أزماته. ولذلك، فإن عنوان المرحلة المقبلة سيستقرّ على التلويح بالعقوبات والضغط والتهديد لتحريك المسار الحكومي مجدداً، ولو من دون أي مبالغة في التوقّعات الإيجابية.