لا يزال العنوان الأساسي للمقاربة الأميركية التي بات يعتمدها الرئيس دونالد ترامب إزاء الملف اللبناني، هو "الضغوط القصوى"، والتي تتراوح في كل مرة ما بين الإشادة بالأداء اللبناني والتجاوب السريع مع ورقة المطالب الأميركية من أجل الإنتقال إلى مرحلة تثبيت الهدنة ووقف النار واستقرار الوضع في الجنوب ومباشرة عملية إعادة الإعمار مروراً بـ"الضرورات الإصلاحية".
ومع عودة المبعوث الأميركي إلى لبنان توم براك، يعود الحديث عن بلاد الشام ولو من بوابة أحداث السويداء، ليلقي ثقلاً مضاعفاً على مهمته الشاقة، خصوصاً وأن قيادة "حزب الله" استبقت أي موقف أميركي بالحديث صراحةً عن رفضها تسليم سلاح الحزب.
ومع إعداد الجواب الذي سيقدمه الرؤساء الثلاثة إلى براك، فمن غير المتوقع وفق أوساط ديبلوماسية، أن تتكون عناصر الموقف في واشنطن قريباً، معتبرةً أن "الأسابيع القليلة الفاصلة عن اجتماع مجلس الأمن الدولي الذي سيقرر مصير عملية التجديد لقوات اليونيفيل في جنوب لبنان، والجمعية العمومية للأمم المتحدة، التي ستحدد معالم جواب إدارة الرئيس ترامب للبنان، لكن هذا الأمر لا يعني أن هناك إيجابيةً في التريث الواضح من الطروحات اللبنانية حول الإنسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وليس فقط من النقاط الخمس المحتلة في الجنوب، بالتوازي مع ترحيل البحث بحصرية السلاح إلى حوار وطني في مرحلة لاحقة، مع اشتراط حصول الإنسحاب الإسرائيلي الكامل والحصول على الدعم الخارجي لبدء إعادة الإعمار".
وبالتالي، تكشف الأوساط أنه "من المبكر إطلاق أي تكهنات حول الرد الأميركي"، معتبرةً أنه "لن يكون إيجابياً، خصوصاً وأن ما تركز عليه واشنطن، وهو سلاح "حزب الله"، حيث أن إيجابية براك، لا تعكس الواقع الفعلي، لأن الأولوية الأميركية هي لتحديد خارطة طريق حول موضوع سلاح الحزب، ما لم يتم حتى الآن، وذلك من وجهة النظر الخارجية وليس فقط الأميركية".
وعليه، ترى الأوساط أن "ملف السلاح سيبقى مطروحاً وذلك وفق قول برّاك إن معالجة السلاح هي مسؤولية لبنانية، وبمعزل عن اي تحديات او اعتبارات سياسية لبنانية داخلية".
وعن المرحلة المقبلة، فلا تخفي الأوساط توجسها من "صعوبة الوضع الداخلي على صعيد الإقتصاد والمال وإعادة الإعمار، بمعنى أن لا قدرة لانتظارات طويلة قد تؤدي إلى تراجع الإهتمام الأميركي والدولي بلبنان، وذلك في الوقت الذي يترقب فيه الخارج من اللبنانيين العمل على برمجة وجدولة الإستحقاقات المقبلة بدءاً من المطالبة بالإنسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس والعودة إلى اتفاقية الهدنة في العام 1949 رغم الرفض الإسرائيلي لها تزامناً مع العمل على بسط سلطة الشرعية على كل الأراضي اللبنانية، علماً أن واشنطن تعتبر أن أي تأخير في هذه الإستحقاقات لا يجب أن يحول دون العمل على حصر القرارات المصيرية كالحرب والسلم بيد الحكومة اللبنانية فقط، والابتعاد عن كل ما قد يثير المزيد من العراقيل امام تطبيق القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار رغم أن براك لم يأت على ذكر القرار في زيارته الأخيرة واكتفى برمي المسؤولية على الدولة اللبنانية".
وحول ما يتردد من سيناريوهات أمنية، تقول الأوساط إن "المنطقة أمام تحديات أمنية عدة تدفع نحو تعزيز الحراك الداخلي لتنفيذ الإصلاحات الضرورية للحصول على المساعدات الخارجية الدولية والعربية للإعمار، وتحديد الخطوات العملية لبسط سلطة الدولة وسيادتها على كل لبنان".