هل من تباينات سعودية - إماراتية في خرائط السلام وتصفية القضية الفلسطينية؟

WhatsApp Image 2025-08-15 at 08.24.31_12505a8e

أثار بيان سعودي شديد اللهجة، ردًا على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول "إسرائيل الكبرى"، موجة من التساؤلات في الأوساط السياسية والدبلوماسية، خصوصًا مع الكشف عن تقارير نُشرت في صحيفة التلغراف البريطانية عن وجود تنسيق ثلاثي بين الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة مع حكومة جنوب السودان، لترحيل قسم من سكان قطاع غزة إلى أراضيها.

في وقت تؤكد فيه المملكة العربية السعودية - في كل المحافل الإقليمية والدولية - أن السلام العادل في المنطقة لن يُبنى إلا على أساس حل الدولتين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، تبدو الإمارات وكأنها تسلك طريقًا مغايرًا، أكثر جرأة وواقعية من منظور البعض، وأقرب إلى الانخراط في مشاريع إعادة رسم خارطة النفوذ الإقليمي، حتى على حساب ثوابت عربية تاريخية.

لكن ما الذي يفسر هذا التباين بين الرياض وأبوظبي؟ وهل نحن أمام اختلاف تكتيكي في مسارات السياسة الخارجية أم أمام افتراق استراتيجي في تحديد أولويات الأمن القومي العربي؟

يقول أحد السفراء  السابقين المخضرمين في حديث لموقع "lebtslks"، أن المملكة تنظر إلى الملف الفلسطيني باعتباره اختبارًا حقيقيًا لجدية إسرائيل في القبول بالتسوية العادلة، لا مجرد توقيع اتفاقيات شكلية. أي مشروع إقليمي لا يُنهي الاحتلال ولا يضمن الحقوق المشروعة للفلسطينيين مرفوض من حيث المبدأ، بل يعتبر تهديدًا مباشرًا للاستقرار في الشرق الأوسط.

ويضيف: "هناك في المنطقة من يراهن على أن الزمن كفيل بتصفية القضية الفلسطينية عبر حلول إبداعية أو غير تقليدية، كتوطين اللاجئين في دول أخرى أو الإغراءات الاقتصادية، لكن السعودية تعتبر ذلك تجاوزًا غير مقبول للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وهو ما عبّر عنه البيان الأخير بشكل لا لبس فيه".

ويتابع: "منذ توقيع اتفاقيات أبراهام عام 2020، أبدت الإمارات حماسة غير مسبوقة تجاه إقامة علاقات سياسية واقتصادية وتقنية مع إسرائيل، ودفعت بملف التطبيع نحو شراكات إقليمية واسعة النطاق، بعضها يشمل التعاون في مجالات الأمن والطاقة والمياه، بل وحتى الدفاع السيبراني".

بالتالي، هذا التوجه الإماراتي، وإن كان في نظر البعض يعكس براغماتية سياسية وتقديرًا دقيقًا للتحولات الجيوسياسية، إلا أنه يصطدم مع رؤية سعودية أكثر تحفظًا وأشد تمسكًا بالإجماع العربي، وخاصة بمبادرة السلام العربية لعام 2002، التي أطلقتها المملكة نفسها من بيروت، واشترطت انسحاب إسرائيل الكامل مقابل علاقات طبيعية مع العالم العربي.

يرى السفير  السابق عينه أن ما يحدث اليوم هو نتيجة تسارع غير محسوب نحو التطبيع، ويضيف: "نحترم خيارات الدول الشقيقة، لكن لا يمكن أن يكون التطبيع غطاءً لتجاهل المعاناة اليوميةللفلسطينيين، أو تمرير مشاريع خطيرة كتفريغ غزة من سكانها تحت ذرائع إنسانية".

"إسرائيل الكبرى" وصدمة البيان

تصريحات نتنياهو الأخيرة عن "إسرائيل الكبرى" والتي ألمح فيها إلى ضم مناطق واسعة وفرض أمر واقع جديد، دفعت السعودية إلى إصدار بيان غير معتاد في حدته، أكدت فيه رفضها القاطع لأي مشاريع توسعية، واعتبرتها انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

وقد قرأ مراقبون هذا البيان السعودي على أنه تثبيت للخط الأحمر في وجه محاولات فرض الحلول من طرف واحد، وفي وجه أي تطبيع يتجاوز الحقوق الفلسطينية المشروعة.

إلى أين تتجه المنطقة؟

مع اشتداد السجالات الإقليمية حول مستقبل القضية الفلسطينية، وبروز مساعٍ غير معلنة لتصفية ما تبقى من الحلم الوطني الفلسطيني تحت غطاء الحلول البديلة، تبدو المملكة العربية السعودية عازمة على تثبيت موقفها كقوة توازن إقليمي، لا تساوم على المبادئ ولا تنخرط في تحالفات على حساب قضية عمرها أكثر من سبعة عقود.

 ويختم السفير حديثه قائلاً: "من السهل أن تُبرم اتفاقيات سلام، لكن من الصعب أن تضمن بقاءها دون عدالة، فلا أمن في الشرق الأوسط بدون فلسطين، ولا استقرار في الخليج إذا تم تجاهل جذور الصراع".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: