عبّرت مصادر سياسية مطلعة عن استغرابها لموجة التشاؤم التي سادت غداة القمة الأميركية الروسية في ألاسكا حيال آفاق حل الملف الأوكراني.
وقد عبّرت تلك المصادر، وخلافاً للمواقف السياسية لبعض الشخصيات ووسائل الإعلام الأميركية، عن اعتقادها بأن القمة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، وإن كانت لم تُفضِ إلى الكثير مما كان يأمله الجانب الأميركي من الرئيس الروسي، إلا أنها نجحت في أمرين أساسيين:
الأول: فتح كُوّة جديدة من الحل الدبلوماسي الممكن في جدار التأزم في الحرب الروسية على أوكرانيا.
الثاني: نجاح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أخذ الرئيس بوتين إلى مساحة التفاوض والحوار حول مصير الحرب ومستقبل أوكرانيا.
وترى المصادر أنه ليس على الرئيس ترامب أن يقرر عن الأوكرانيين، بل كان عليه فتح باب المفاوضات والدبلوماسية بحثاً عن حلول للحرب ووقف النار والاتفاق على طاولة حوار مباشر بين الرئيس الروسي بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
من هنا نرى أن قمة ألاسكا فتحت الباب أمام البحث السياسي والدبلوماسي حول مستقبل الحرب الروسية الأوكرانية وآفاق الحل السياسي لها. ومؤشرات نجاحها على هذا الصعيد عديدة، أهمها أن الرئيس الأميركي تمكن من استدراج الرئيس الروسي على أرض أميركية كانت الولايات المتحدة قد اشترتها من الإمبراطورية الروسية في القرن التاسع عشر، في عهد القيصر ألكسندر الثاني، بما عُرفت قيمته بسبعة ملايين دولار. كما أن استقبال الرئيس الروسي مرّ باستعراض للقوة العسكرية الجوية الأميركية من طائرة “الشبح” التي حلقت مع سرب طائراتها المرافقة في لحظة لقاء الرئيسين، مروراً بطائرة “إف-35” التي مرّ قربها الرئيس الروسي وهي جاثمة أمام الرئيسين، وكأنها وُجدت لتذكير الرئيس بوتين بقصفها إيران مؤخراً. وصولاً إلى الرسالة الأميركية للجانب الروسي بأن في ألاسكا الكثير مما يمكن التفاهم عليه، كما لو يوافق الجانب الروسي على استثمار خيرات تلك الأرض واستخراج معادنها الثمينة بديلاً عن معادن أوكرانيا وثرواتها موضع طموح الرئيس بوتين.
ومهما يقال، فإن قمة ألاسكا يمكن وصفها بقمة “إطلاق الشرارة”، بداية البحث الجدي عن الحلول السلمية، وليست هي الغاية بحد ذاتها. فالقمة أسست لمراحل تفاوضية جديدة منسقة بين الأميركيين والأوروبيين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بدليل القمة الأوروبية الأوكرانية المنعقدة حالياً، والقمة المرتقبة الاثنين في واشنطن بين الرئيسين ترامب وزيلينسكي.
أما لجهة تداعيات، لا بل تأثيرات القمة في ألاسكا، فمما لا شك فيه أن القمة أوصلت أيضاً رسالة أميركية للأوروبيين مفادها أن واشنطن لم تعد تريد حروباً، ما يعني فرملة الاندفاعة الأوروبية إلى جانب أوكرانيا لمواجهة روسيا.
القمة أيضاً لها تأثيرات على الوجود الروسي في سوريا، وعلى دور روسي في جنوب سوريا كقوات ضامنة دولية لفض الاشتباك بين إسرائيل وسوريا، بما يحقق لسوريا وحدتها وإبعاد التقسيم عن الجنوب، انطلاقاً من السويداء ودرعا، وليس وصولاً إلى السماح للجيش السوري بضرب “قسد”، بعدما تمرد أكراد شمال شرق سوريا على النظام الحديدي في دمشق، وتثبيت النظام الجديد بدعم أميركي وروسي معاً.
في لبنان، تتجلى تأثيرات القمة بدعم إنهاء سلاح حزب الله، حيث لن تحصل أية حرب أهلية، بل دعم دولي وعربي للبنان ولقيام الدولة.