بدأ وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو الجديد، الذي كلّفه إيمانويل ماكرون بتشكيل حكومة جديدة، مهامه اليوم الأربعاء في يوم تترقب البلاد احتجاجات ستؤثر على النقل والتعليم وخدمات أخرى هدفها إظهار الغضب الشعبي تجاه الرئيس.
وقد تشكّل الاحتجاجات، وشعارها "لنشلّ كل شيء"، اختباراً حقيقياً للوكورنو، وهو حليف وثيق لماكرون وشغل منصب وزير الدفاع خلال السنوات الثلاث الماضية.
وكلّف الرئيس الفرنسي امس الثلثاء لوكورنو، غداة حجب الجمعية الوطنية الثقة عن حكومة فرنسوا بايرو، ليصبح سابع رئيس للوزراء في عهد ماكرون، والخامس منذ بداية ولايته الثانية في العام 2022. وهذا الأمر غير مسبوق في نظام الجمهورية الخامسة الذي أُعلن في 1958 والذي عُرف لفترة طويلة باستقراره.
وقالت الرئاسة الفرنسية إن ماكرون "مقتنع بأن التوصل إلى اتفاق بين القوى السياسية بقيادة لوكورنو ممكن، مع احترام قناعات الجميع".
أضافت: "ماكرون كلف لوكورنو في البداية بالتشاور مع الأحزاب بهدف التوصل إلى الاتفاقات الضرورية للقرارات التي ستتخذ في الأشهر المقبلة"، قبل تشكيل حكومة جديدة."
ويواجه لوكورنو مهمة صعبة تتمثل في بناء جسور عبر البرلمان المنقسم من دون غالبية صريحة لأي طرف، وضمان عدم مواجهة مصير بايرو الذي استمر في منصبه تسعة أشهر فقط.
وشكر لوكورنو ماكرون على ثقته وأشاد ببايرو "لشجاعته في الدفاع عن قناعاته حتى النهاية".
وتابع: "لقد أوكل إليّ رئيس الجمهورية مهمة تشكيل حكومة ذات توجه واضح يتمثل في الدفاع عن استقلالنا وقوتنا وخدمة الشعب الفرنسي وتحقيق الاستقرار السياسي والمؤسساتي من أجل وحدة البلاد".
بالتزامن، تشهد فرنسا اليوم احتجاجات ما زال يصعب تقدير أعداد المشاركين فيها أو مدى تأثيرها على القطاعات المختلفة في البلاد، نظراً إلى المشاركة الضئيلة للنقابات العمالية التي تخطط معظمها ليوم خاص بها من الإضرابات والاحتجاجات الواسعة النطاق في 18 أيلول.
لكن الدعوة التي أطلقتها مجموعات يسارية في غالبيتها، إلى "شلّ كل شيء" أثارت رغم ذلك قلقاً لدى السلطات لدرجة أنها دفعتها إلى نشر 80 ألف شرطي في مختلف أنحاء فرنسا.
من جهته، حذّر وزير الداخلية برونو روتايو المتظاهرين من أنه لن يكون هناك "أي تسامح" مع الأعمال العنيفة أو عمليات إغلاق أماكن رئيسية. وأعلن عن أن الشرطة "اعتقلت 200 شخص في المراحل الأولى من الاحتجاجات".
كذلك، أعلنت الشرطة أنها تراقب من كثب "نقاطاً ذات أهمية حيوية" للحياة الاقتصادية، مثل مصافي النفط.
وقال روتايو إن فرنسا تحتاج إلى حكومة جديدة بسرعة "لتجسيد سلطة" الدولة، متّهماً حزب "فرنسا الأبية" (أقسى اليسار) وزعيمه جان لوك ميلانشون بالسعي إلى تعزيز "مناخ التمرد".
ومع أن هذه التعبئة تذكّر البعض بحراك "السترات الصفراء" الذي هزّ فرنسا بين عامي 2018 و2019، ما زال من غير المعروف مدى تأثيرها، خصوصاً أنها بلا قيادة.
وقال قائد شرطة باريس لوران نونييز إنه يشتبه في أن "اليسار الراديكالي" هو الذي يدير الاحتجاجات وينظم تحركات ضخمة لكن من دون دعم "المجتمع المدني"، بحسب تعبيره.
كما سيطالب المتظاهرون بإسقاط مخطط بايرو لإلغاء يومي عطلة سنويين وخفض التكاليف الطبية للعمال والموظفين وتشديد شروط الإجازة المرضية.
وكان بايرو قد أصر على الحاجة الى خفض الانفاق وزيادة الانتاجية للسيطرة على ديون فرنسا واستقرار المالية العامة.