بعيداً عن الرياء والتعابير المعلّبة وكلمات الإشادة الفارغة التي تنشط وتزدهر وتتكرر في الأول من آب، يأتي عيد الجيش هذا العام في لحظة داخلية حافلة بالتحديات، يتطلع فيها الشعب اللبناني إلى هذه المؤسسة الوطنية الوحيدة التي بقيت عصيّة على التفكك الذي أصاب المؤسسات والقطاعات الرسمية، ويضع كل آماله على وقوفها إلى جانبه وفي صفوفه، بمواجهة من يواصلون العمل على إغراق لبنان واللبنانيين ودفعهم إلى الهوّة السحيقة التي ترتسم أمامهم.
في زمن الإنهيار، يبرز الجيش ومؤسسته لاعباً وحيداً في الميدان، فحيث تغيب السلطة وتنشط قوى الأمر الواقع الخارجة عن القانون، يقف الجنود بالمرصاد. عندما يغضب الشعب على مسؤوليه يفصل الجيش بين هذا الغضب ومسبّبيه، ولو كلّفه ذلك دموعاً في عيون عسكرييه. وغداً عندما ينزل أهالي ستة آلاف لبناني سقطوا بين قتيل وجريح في إنفجار مرفأ بيروت، يصرخون في الشارع طلباً للعدالة وللإقتصاص من المجرمين، سيكون الجيش في مقدمة المدافعين عنهم والداعمين لهم، لأن الجيش هو سياج الوطن، وهذه العائلات المقهورة هي الوطن اليوم، وليس أي طرف آخر.
وفي زمن التسويات، يقف الجيش على الحياد وفي عيون جنوده شيء من غصّة وخيبة على ظلم لحق بهم قبل غيرهم، بدأ بحرمانهم من أي دعم مباشر، وبالتنكّر لتضحياتهم في حسابات الربح والخسارة في السياسة.
في الأول من آب، وفي عيده، يفتخر الجندي في الجيش اللبناني ويرفع رأسه متحدياً كل الصعاب وحتى الحرمان من أبسط مقوّمات الحياة، كما يتنفس اللبناني ويبتسم لأنه فخور بوطنه وبجيشه، حاميه والمدافع الوحيد عنه ، في زمن السقوط والظلم وفي ساعة تخلّي دولته عنه….
