مع انطلاق السنة القضائية الجديدة معزّزةً بتعيينات ومناقلات قضائية يستبشر بها اللبنانيون خيراً من خلال الرهان على إقصاء التدخلات والضغوط السياسية عن عمل القضاء والقضاة، يعود الى الواجهة ملف كازينو لبنان من خلال الدعاوى القضائية المرفوعة ضد منصة BetArabia وهي منصة المراهنات الالكترونية التابعة لكازينو لبنان الرخصة رسمياً للمراهنات والألعاب الالكترونية في لبنان المدارة أونلاين، وهي مملوكة من الكازينو بالكامل.
الشركة كانت حصلت على الترخيص الرسمي من وزارة المالية في العام 2022 لتكون المشغّل الحصري "الرسمي" للألعاب الالكترونية والمراهنات الرياضية، علماً أن كازينو لبنان يملك امتيازاً حصرياً لألعاب القمار والميسر منذ العام 1954، وقد تم تعديل العقد في العام 2008 ليشمل إمكانية المراهنات والألعاب عبر الإنترنت ضمن إطار هذا الامتياز الحصري، وبعد مناقصة عامة في العام 2020 تم اختيار شركة OSS (Olive support system) لتشغيل المنصة بالنيابة عن الكازينو، وفي العام 2022 تم وضع بنود العقد المؤسس للعمل ضمن إطار القوانين المرعية.
لاحقاً ومن دون سابق إنذار أو إشارة، فُتح ملف الكازينو من خلال الإدعاء على شركتي BetArabia و OSS وعدد من الموظفين والإداريين بشكاوى تتعلق بالامتياز الحصري والتراخيص والإيرادات والتحويلات المالية وصولاً الى الإدعاء بجرائم تبييض الأموال، وبلغ عدد الموقوفين في الملف 14 شخصاً في مقدمهم رئيس مجلس إدارة كازينو لبنان رولان خوري.
الملف تسلمه قاضي التحقيق في جبل لبنان كمال بو نصار الذي عمل من دون انقطاع و خلال العطلة القضائية على تبيان حيثياته مستنداً الى التحقيقات الاولية التي قام بها جهاز أمن الدولة والى قرار ديوان المحاسبة الذي أقر بأن الترخيص الذي عملت على أساسه المنصة هو قانوني لكن تعتريه بعض الثغرات التي تحتاج الى تشريعات أوضح لضمان شفافية العمل، والى إفادات خبراء في المعلوماتية والمحاسبة للتأكد من عدم وجود تلاعب في البيانات والأرقام المالية.
القرار الظني الذي أصدره قاضي التحقيق في آب الماضي خلُص الى وجود مخالفات تدخل في إطار الإثراء غير المشروع والتهرب الضريبي وتبييض الأموال، محيلاً ملف التحقيق لى الهيئة الاتهامية في جبل لبنان والتي تنحت عن النظر في الملف نظراً لوجود قرابة بين القاضية كارلا غنطوس وأحد المدعى عليهم، ليتأرجح الملف أمام أكثر من رأي حول الجهة المخولة متابعة التحقيقات، وليبقى السؤال الأهم هو عن توقيت فتح الملف وعن مخاوف من تأخيرات أو محاولات لتجميد التحقيقات! فهل يُثبت القضاء اللبناني قدرته على التملص من الضغوط السياسية عليه؟ وما مصير الموقوفين في الملف مع رفض تخلية سبيل تسعة منهم؟ والسؤال الأهم هل فتح هذا الملف هو توطئة لفتح أسواق الشركات غير الشرعية للدخول على خط غَرف ملايين الدولارات من منجم ذهب مفتوح على كل المراهنات والرهانات؟