كتب ألان سركيس في نداء الوطن:
تصل الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى بيروت الأحد. وتعتبر الزيارة مهمّة لأنها تتابع الوضع اللبناني عن كثب، ما يدل على الاهتمام الأميركي بهذا الملف.
منذ تسلُّم أورتاغوس الملف اللبناني والحديث عن إبعادها والذي تبيّن أنه إشاعات، كانت زياراتها إلى بيروت متقطعة وبعيدة وذات طابع سياسي أكثر مما هو عسكري. وبعد دخول الموفد توم برّاك على الخطّ لمساعدتها تحوّل الاهتمام إلى عسكري تقني.
كان برّاك حاسمًا في ما تريده الإدارة الأميركية. وساهمت الورقة التي حملها وأقرّتها الحكومة في جلستي 5 و7 آب في تعزيز آمال اللبنانيين باستعادة دولتهم. وهذه الزيارة الثانية لأورتاغوس إلى بيروت بعد زيارتها الأخيرة برفقة برّاك وعدد من أعضاء الكونغرس الأميركي.
لا توجد على أجندة المسؤولين السياسيين أي برامج للقاء أورتاغوس. رئيس الجمهورية جوزاف عون سيغادر برفقة وزير الخارجية يوسف رجّي إلى نيويورك للمشاركة بأعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ولا يوجد أي لقاء معلن مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس الحكومة نواف سلام.
وتؤكّد مصادر مطلعة لـ "نداء الوطن" أن أورتاغوس باتت المكلّفة الوحيدة بمتابعة الشقّ العسكري والتقني للورقة الأميركية، وهذه هي الفرصة الأخيرة للبنان. وإدارة الرئيس دونالد ترامب لا تريد أن يحلّ بلبنان ما حلّ بغزة لأن الوضع في بيروت مختلف تمامًا.
وتشير المصادر إلى أن جلسة الحكومة في 5 أيلول مهمّة وقد درست خطّة الجيش اللبناني القاضية بحصر السلاح بيد الأجهزة الشرعية. والمهمّ، حسب ما تريده الولايات المتحدة الأميركية هو تطبيق هذه الخطّة بحذافيرها وعدم السماح لـ "حزب الله" وحلفائه بعرقلتها كما كان يحصل سابقًا.
وانطلاقًا من كل هذا، تعتبر المصادر أن الوضع اللبناني ليس سهلًا، وعلى الحكومة اللبنانية الاستمرار بما بدأته. وتلفت إلى أن تحضير فرنسا بالتعاون مع المملكة العربية السعودية مؤتمرًا لدعم الجيش يحصل بضغط وغطاء أميركي. وتعتبر واشنطن من أكبر الداعمين للجيش اللبناني وتراهن على دوره في المستقبل، ولا تريد للقوى الشرعية أن تنهار أو يعود "حزب الله" ويصبح أقوى من الجيش والقوى الشرعية. وتعمل واشنطن على منع الفوضى في لبنان لأنها ترى أن الفوضى والفلتان وعدم الاستقرار، عوامل تساعد "حزب الله" على إعادة بناء قوته، فهو يستغلّ الفوضى وضعف الدولة من أجل التصرّف وكأن لا قوّة رادعة وهو القوة الوحيدة المسيطرة على الأرض والتي تمتلك نفوذًا داخل مؤسسات الدولة.
إذًا، تحطّ أورتاغوس في بيروت وفي فكرها استمرار النهج الذي أطلقته حكومة سلام. وبالنسبة إلى الدولة اللبنانية، فهي تؤكّد استمرارها في خطة حصر السلاح وعدم التخلي عنها، لكنها في المقابل تفضّل مبدأ الخطوة مقابل خطوة، أي تجاوب إسرائيل وبدء انسحابها من التلال المحتلة وتحرير الأسرى لكي يتسهّل عمل الجيش والأجهزة ويفقد "حزب الله" حجة احتفاظه بالسلاح، مع أن قرار تسليم سلاحه من عدمه موجود في طهران وليس في بيروت أو عند قيادة "الحزب".
تعطي زيارات أورتاغوس المكثّفة إلى بيروت الملفّ اللبناني أهمية قصوى، وتسقط كل ادعاءات محور "الممانعة" بأن إدارة ترامب لديها اهتمامات أخرى، والرهان على عامل الوقت كفيل بتخفيف الضغط الأميركي وإلهاء الأميركيين ليعود سيناريو ما بعد عام 2006 ويتكرّر ويعيد "حزب الله" ترميم قدراته وقواه العسكرية والتنظيمية والمالية.
يطغى الطابع العسكري على زيارات أورتاغوس، وستلتقي لجنة مراقبة وتنفيذ الهدنة، وكذلك قيادة الجيش اللبناني، وستكون النقاشات عسكرية وتقنية حيث باتت تدخل في تفاصيل التفاصيل.
تعتبر زيارة أورتاغوس مهمة، ليس فقط من حيث الإصرار على تطبيق الورقة الأميركية، بل التأسيس لشراكة أمنية أميركية - لبنانية تحضّر لها على المدى الطويل، وهذا ما يفسّر مناقشة الكونغرس معاهدة الدفاع المشترك التي تحدّث عنها السناتور الأميركي ليندسي غراهام من بيروت وتابعها في الكونغرس، وبالتالي دخل لبنان مرحلة جديدة من الاهتمام الأمني الأميركي وينتظر أن نرى كيف سيترجم لاحقًا.