أثار ظهور ظاهرة "الرحيل الرقمي" جدلاً واسعاً في الأوساط الدينية والاجتماعية، بعد أن بدأت شركات ناشئة عالمية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنشاء نسخ رقمية تحاكي أصوات وصور وتصرفات المتوفين، بهدف الحفاظ على التواصل مع أحبائهم، وإحياء ذكرياتهم بطريقة تفاعلية.
صرح الدكتور محمد محسن رمضان، رئيس وحدة الذكاء الاصطناعي بمركز العرب للأبحاث والدراسات، أن هذه التطبيقات، مثل HereAfter AI وDeepBrain AI، تسمح بإجراء محادثات تفاعلية مع نسخ رقمية للأشخاص المتوفين، لكنها تثير تحديات أمنية وقانونية واجتماعية ونفسية وأخلاقية. فمن جهة، قد تُستغل النسخ الرقمية للابتزاز أو الاحتيال المالي والعاطفي، ومن جهة أخرى، قد يُعيق الانغماس فيها التكيف مع الفقد ويولد واقعاً زائفاً. وأكد رمضان أن هذه التقنية لا تعيد الموتى فعلياً، بل تخلق محاكاة اصطناعية قد تتحول إلى صناعة تجارية ضخمة، ما يستدعي وضع أطر تشريعية وأخلاقية صارمة.
من جانبه، أوضح مفتي الديار المصرية الأسبق، الدكتور نصر فريد واصل، أن محاكاة الموتى رقمياً لا يُعتد بها شرعياً، خاصة فيما يتعلق بالحقوق والميراث، وقد تسبب نزاعات أسرية نتيجة معلومات غير دقيقة تظهر من المحادثات التفاعلية. وأكد أن الموت من الأمور الغيبية، وأمور المتوفى تنقطع بالنسبة للدنيا، لذلك فإن هذه المحاكاة غير جائز شرعاً.
أما استشاري الصحة النفسية، الدكتور وليد هندي، فأشار إلى أن التواصل مع النسخ الرقمية يثير مشاعر الحنين والاشتياق، ويخلق نوعاً من "الناستولوجيا" أو الانغماس في الذكريات الجميلة. لكنه حذر من المخاطر النفسية، مثل تذكر المآسي أو مساوئ المتوفى، الانفصام عن الواقع، أحلام اليقظة، الكوابيس، القلق من الموت، وحتى متلازمة القلب المنكسر. وأكد أن هذه السلبيات النفسية تفوق أي فوائد محتملة لهذه التقنية.