اعرب رئيس الجمهورية جوزاف عون عن ثقته بأن "المنتشرين اللبنانيين لن يتركوا لبنان، وسيقفون الى جانبه والى جانب الدولة في مسيرة النهوض بالبلد واعادته الى ما كان عليه من عز وتميز".
وقال ان "لبنان غني باللبنانيين في الخارج، ولا ينتظر احساناً من احد، ولا مساعدات من احد، ولا هبات، بل استثمارات". ودعا اللبنانيين المنتشرين الى"الاقتراع في الاستحقاق النيابي المقبل، لان صوتكم ليس مجرد ورقة يتم وضعها في صندوق، بل هو الامل لمستقبل افصل، وهو صوت التغيير، وعليكم المشاركة بكثافة مهما كانت الظروف، وهذه المسؤولية التي تقع عليكم".
كلام عون جاء خلال حفل استقبال اقامته السفارة اللبنانية في الولايات المتحدة الاميركية وبعثة لبنان الدائمة لدى الامم المتحدة، في Union League Club في نيويورك، بمشاركة ابناء الجالية اللبنانية الذين اتوا من مختلف الولايات الاميركية للمشاركة في هذا اللقاء.
وكان عون وصل واللبنانية الاولى الى مكان الاحتفال قرابة الساعة السابعة مساء بتوقيت نيويورك (منتصف الليل بتوقيت بيروت)، حيث كان في استقبالهما وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، سفيرة لبنان في واشنطن ندى حمادة معوض، رئيس بعثة لبنان الدائمة لدى الامم المتحدة السفير احمد عرفة، وقنصل لبنان العام في نيويورك مجدي رمضان، واعضاء الوفد اللبناني المرافق، اعضاء "تاسك فورس فور ليبانون" برئاسة اد غبريال، وابناء الجالية وبينهم رجال اعمال وفاعلون في المجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والطبية.
واعتلى عون المنبر وتوجه الى ابناء الجالية بالقول: "صحيح انني اليوم في نيويورك، ولكنني بينكم، أشعر أنني في لبنان. قد تكون المسافة الجغرافية بعيدة، لكن القلوب قريبة. على الرغم من كل الازمات التي مرّ بها لبنان منذ العام 2019، بقي صامداً، والسبب هو انتم، سفراء لبنان الذين لم ينسوه. في كل واحد منكم قصة نجاح، واعتقد ان الاكثرية اضطرت الى مغادرة البلد بسبب الازمات، انتم رافعة لبنان الذي ربما يكون البلد الوحيد الذي لديه عدداً من المغتربين يوازي 3 اضعاف عدد سكانه. وقفتم الى جانب لبنان في كل ازمة عصفت به، وخلال الفترة التي كنت في خلالها قائداً للجيش، مررنا بأزمة اقتصادية وكنتم الى جانب اهلكم وقدمتم المساعدة لهم، وخلال ازمة كورونا قدّم المنتشرون اللبنانيون المساعدات الطبية والادوية، وبعد انفجار مرفأ بيروت كنتم الى جانبنا، وهو ما حصل ايضاً خلال الحرب الاخيرة.. لم تفقدوا ايمانكم بلبنان، ولا لبنان فقد ايمانه بكم".
اضاف: "ان الحكومة بدأت العمل منذ شهر شباط الفائت، وقامت بانجازات عدة، ووضعنا البلد على السكة الصحيحة. اتفهم تساؤلات البعض عما قمنا به خلال الفترة الماضية، ولكن علينا ان نكون منطقيين وواقعيين، اذ لا يمكن احداث التغييرات بين ليلة وضحاها، الا انني اؤكد لكم ان القطار وضع على السكة الصحيحة وهو يسير باتجاه الاصلاحات الاقتصادية واصلاح القطاع المصرفي والمالي. بالامس، انجزت الحكومة مشروع موازنة 2026، وهي المرة الاولى منذ سنوات يتم فيها القيام بهذا الامر ضمن الفترة الدستورية. وصدرت التشكيلات القضائية والديبلوماسية وتم تشكيل الهيئات الناظمة التي اقرت قوانين انشائها منذ العام 2002، كلها انجزت وفق آلية التعيينات، وكانت شفافة الى اقصى الدرجات، وتم تعيين من يستحق ذلك".
تابع:"هناك الكثير من الانجازات، والطريق لا يزال طويلاً، ولكنني اطمئنكم الى اننا مستمرون. ووفق احصاءات الامن العام، وفد الى لبنان في شهري تموز وآب ما يقارب مليون و700 الف شخص من لبنانيين وغير لبنانيين، وهذا الرقم يتحقق للمرة الاولى منذ العام 2018، وهو مؤشر الى ثقة العالم بالدولة، وثقة اللبنانيين ايضاً بها. الحكومة تعمل حالياً على انجاز قانون الفجوة المالية الذي يساعد على حل ازمة المودعين، وهي مسألة اساسية بالنسبة لنا. وتم تشكيل المجلس العدلي وتعيين اعضاء مجلس القضاء الاعلى، لمتابعة الملفات الحساسة واولها حادثة انفجار مرفأ بيروت، وهو الجرح النازف الذي يجب اغلاق ملفه".
اضاف: "بدأنا بفتح ملفات الفساد، وكل الملفات التي كانت تعتبر من المحرمات مع الاسماء التي تتضمنها، لم تعد من المحرمات، والدليل على ذلك هو وجود وزراء موقوفين، وآخرين تتم ملاحقتهم، واشخاص كانوا يعتبرون غير قابلين للمساس بهم، وقد دخلوا الى السجن، او تتم ملاحقتهم. وهناك ملفات كثيرة بطبيعة الحال، منها على سبيل المثال ملف كازينو لبنان، وملفات اخرى اخذت طريقها نحو البت، واطلب منكم ان تبقوا على ثقتكم وايمانكم بهذا البلد، وانا اكيد انكم على هذا المسار. دوركم مهم في الحياة الاقتصادية اللبنانية، فلبنان ليس مفلساً، بل هو غني بكم، وليس هناك من مشروع مهم في العالم الا ويحمل بصمة لبنانية، في كل المجالات: الفن، الاقتصاد، الهندسة، الطب، ... نحن نفتخر بكم، واينما حللنا في العالم، نسمع الاشادات باللبنانيين، وهو امر يجعلني اعتز وافتخر اكثر فأكثر. انها المرة الاولى لي في الامم المتحدة، وقد التقيت لبنانيين في كل مكان في مقرها هنا في نيويورك، وفي كل المجالات: الامن، البروتوكول،... انتم الركيزة الاساسية للبنان، وكما قلت امس في كلمتي: لا تتركوا لبنان، وهذه العبارة ليست موجهة فقط الى الخارج، بل اليكم انتم ايضاً، وانا واثق بانكم لن تتركوا بلدكم الام، وادرك انكم جميعاً تنتظرون اللحظة التي تعودون فيها الى لبنان من خلال الاستثمار فيه او بعد التقاعد من العمل".
تابع: "لبنان غني بكم، ولا ينتظر احساناً من احد، ولا مساعدات من احد، ولا هبات، بل ما نريده هو استثمارات. واعتقد انه من خلال استثماراتكم، يمكنكم اعادة النهوض بلبنان.في العام 2019، بدأت الازمة الاقتصادية، وكان المسؤولون الاجانب يقولون انهم يتوقعون من خلال مراقبتهم للاوضاع ان لبنان سينهار بعد اشهر، وهو ما لم يحصل، وكنت اقول لهم انهم سينتظرون سنوات ولن يشهدوا انهيار هذا البلد، الذي قد ينحني قليلاً ولكنه يعود الى النهوض مجدداً، وذلك لسببين: الاول ان اللبناني ينحني ولكنه لا ينكسر، فهو خلاق، ومبدع، وجبار.اما السبب الثاني، فهم اللبنانيون في الخارج الذين لم ولن يتركوا لبنان، وبالتالي فهو لن ينهار، واليوم اطمئنكم مجدداً الى ان لبنان لن ينهار. المسؤولية تقع على عاتقنا معاً، فلبنان لنا ولكم، ومهمة انقاذه تقع على كاهلنا معاً لاعادته الى سابق عهده. لا يمكنني القيام بهذه المهمة لوحدي، اذا لم تكونوا الى جانبنا، ولكن انا واثق انكم ستقفون الى جانبنا، ودوركم لا يقتصر على الحياة الاقتصادية، بل يطال ايضاً الحياة السياسية، اعني الانتخابات النيابية التي من المهم ان تحصل في وقتها، وهناك واجب مقدس على كل منكم للادلاء بصوته في هذا الاستحقاق، وفقاً لقناعاته وليس لرغبات الطوائف والمذاهب والاحزاب. ادعوكم الى التصويت الى من ترون انه قادر على تأمين مستقبل لكم ولاولادكم، ومن واجبكم المشاركة في العملية الانتخابية، هذا حقكم وواجب، فصوتكم ليس مجرد ورقة يتم وضعها في صندوق، بل هو الامل لمستقبل افصل، وهو صوت التغيير، وعليكم المشاركة بكثافة مهما كانت الظروف، وهذه المسؤولية تقع عليكم".
ختم:"اجدد ثقتي وافتخاري بكم، ادامكم الله، على امل ان نبقى قلباً واحداً وشعباً واحداً ليبقى لبنان موحداً بوجودكم. ولا يسعني الا ان اشكر الدولة الاميركية والشعب الاميركي لاحتضانكم وتأمين فرص العمل لكم، وانتم كنتم اوفياء بدوركم. عشتم، عاشت الصداقة اللبنانية - الاميركية، وعاش لبنان".