"وفيق-خاي" يغسل هزيمة "الإسناد" بتراخي الدولة

Screenshot 2025-09-27 073150

كتب طوني عطية في نداء الوطن:

يحق لوفيق صفا أن يزهو ويشعر بنشوة الانتصار الموقت في قلب النكبة الكبرى. الرجل يتلذذ بإذلال المؤسّسات الشرعية، من أجهزة أمنية وعسكرية وقضائية. المعارك الداخلية هي خطّ المواجهة المفضّل لديه، كأنها جبهة بديلة لتعويض سيل الهزائم التي تمطره بها إسرائيل بلا هوادة. كما أن عقدة "أفيخاي" التي كانت ترسم له خطة الهروب والانتقال والاختباء، تركت أثرها العميق في داخله، فحوّلته إلى "وفيق-خاي"؛ حيث لا صفاء ولا نزاهة في سيرته، سوى سجلّ من البلطجة، وتهديد القضاة، وترويع اللبنانيين.

في ليلة القبض على هيبة الدولة الأمنية والعسكرية التي رمت بنفسها من على صخرة الروشة، والتي يحاول رئيس الحكومة نوّاف سلام انتشال ما تبقّى منها من بين الرمال، عبر مواقفه الصلبة والشجاعة، ظهر "وفيق-خاي" محاطًا بجماهير حزب الإنارة والإضاءة، كمرفاع معنوي لبيئته "المجروحة". واللافت أن وَقع حضوره بات يتخطّى الأمين العام الشيخ نعيم قاسم. فالرجل بالنسبة لهؤلاء هو من "يُربّي الدولة" ويخطّ لها حدود تدخلها ومسافة ابتعادها.

كان من المفترض أن يكون وفيق صفا في قبضة الأجهزة الأمنية، ومُحالًا إلى العدالة منذ زمن، بتهمة اقتحام قصر العدل وتهديد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار. لا أن يصول ويجول، ويُشرف على "مهرجان التحدّي" ويستهزئ بمطالبي نزع السلاح وبمن يفترض بهم تطبيق القرار وهم على بعد أمتار منه، أي الأجهزة الأمنية. وبالتناغم مع أنشودة "شيعة، شيعة، شيعة" النابعة من استعلاء ونقص، رفع منسوب سخريته بوجه القوى العسكرية والرأي العام مردّدًا عبارة "السكي لح لح" المرتبطة بالسلاح. فالرجل لا يفوّت فرصة للاستهزاء بالدولة، ولا يتوانى عن تحدّي مؤسّساتها الشرعية، في استعراض دائم للبلطجة المتعمّدة.

هذا المشهد، الذي استفز شريحة واسعة من اللبنانيين، كشف عمق عقدة القصور والخوف التي تشلّ الدولة أمام "حزب اللّه"، وكان في الوقت نفسه على مرأى من المجتمع الدولي، المنعقد في الأمم المتحدة، حيث كان رئيس الجمهورية جوزاف عون يحاول تسويق صورة بلدٍ ينهض من أزماته، ويلتزم بالشرعية والقرارات الدولية، لا سيّما الـ 1701 واتفاق وقف إطلاق النار. لكن في الداخل، كان "وفيق-خاي" يقوّض هذا الخطاب والحراك الخارجي حرفيًا، ويحوّل "الروشة" إلى منصّة لتقزيم هيبة المؤسّسات، واختبار سافر لقدرتها على تنفيذ أيّ التزام دولي.

هكذا، بدا المشهد وكأن هناك سلطتين: واحدة تحاضر في القانون والمؤسّسات في نيويورك، وأخرى تستهزئ بها على شاطئ بيروت. فـ "الحزب" لا يعنيه ما يقوله أو يلتزم به المسؤولون في الخارج، طالما أن قبضته على الداخل لم تُكسر.

وبهذا السلوك الاستفزازي، صدّق وفيق صفا على كلام توم برّاك، عندما قال إن "كلّ ما يفعله لبنان هو الكلام ولم يحدث أي عمل فعلي، وأنه يخشى نزع سلاح "حزب اللّه" لوجود اعتقاد بأن ذلك سيؤدّي إلى حرب أهلية". من جهة أخرى، بات واضحًا أن القوى الشرعية ترتبك أمام سردية "حزب اللّه" حول السلم الأهلي، التي يُشهرها كذريعة تحمي سلاحه الذي لم يحمِه في وجه إسرائيل، ملوّحًا بالانفجار الداخلي لإسكات الدولة. إن "فعالية الروشة" لم تكن مجرّد عرض ضوئيّ، بل كانت استعراضًا فجًّا لانهيار الدولة، وعجزها عن تنفيذ قرار إداري بسيط. فكيف ستتجرّأ على القرار الكبير: نزع السلاح؟

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: