طغى حدث خروج الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة إلى الحرية وإخلاء سبيله بعد عام من التوقيف بفعل "اجتهادات سياسية مغلفة بالقانون"، على ما عداه من أحداث سياسية بارزة على الساحة الداخلية.
ومرد الإهتمام الشعبي أولاً كما القانوني والمالي والسياسي بقضية الحاكم السابق، يعود إلى أسباب متنوعة، تختلط فيها المصالح المباشرة مع الحسابات السياسية والأهداف "الإنتخابية"، خصوصاً وأن عنوان الودائع وأزمة المودعين، يشكل العنوان والرئيسي لدى الغالبية العظمى من الشعب اللبناني، بعد انهيار مالي تم تصنيفه بالأخطر والأكبر في التاريخ الحديث.
إلا أن سلامة الذي كان الشاهد المباشر على مراحل سياسية دفعت واستفادت واستغلت انهيار الليرة والقطاع المصرفي وتبخر ودائع اللبنانيين، لم يدل بما لديه من معلومات ومن وقائع ومستندات وفق ما كشف وكيله القانوني المحامي مارك حلقة بالأمس. فهو تحول إلى موضوع نقاش قانوني وسياسي بالغ الأهمية، إنطلاقاً من الأدوار التي لعبتها حكومات سابقة ورؤساء جمهورية وحكومات ووزراء مال واقتصاد تعاقبوا على الحكم وشاركوا في قرارات ساهمت في تسريع وتيرة الإنهيار المالي وأبرزها قرار الإمتناع عن دفع فوائد سندات الدين اللبناني.
صحيح أن سلامة كان حاكماً لمصرف لبنان المركزي، إنما كان يواجه دائماً برفض المسؤولين في الحكم، بأي مصارحة أو معالجة للوضع المالي المأزوم بقرارات "غير شعبوية"، فكان أن تحمل وحده ودفع الثمن بكل ما للكلمة من معنى أي سياسياً ومالياً ومعنوياً وذلك من سمعته ومكانته في لبنان والخارج، خصوصاً وأن قرار فرض كفالة مالية قياسية لإخلاء سبيله، قد جعل منه الشخصية الوحيدة التي دفعت ثمناً وبطريقة "الكاش" من بين كل الشخصيات التي كانت مشاركة في مرحلة ما قبل وخلال وما بعد انهيار لبنان المالي في العام 2019.
ويركز مطلعون على هذه المداولات على أنه من المفروض أن يشارك كل من كان في السلطة وشارك في القرارات المالية في تلك الحقبة أن يدفع نسبةً من الأموال إلى الخزينة العامة والى اللبنانيين ولو عبر وسائل مختلفة خصوصاً وأن البعض منهم لا يزال في دائرة القرار ويستفيد من "جنة السلطة" رغم الثروات الخيالية، حتى أن هناك من يوظف وجع المودعين وملف سلامة في حملاته السياسية والإنتخابية بينما التقارير التي يتوالى الكشف عنها، تؤشر إلى عمليات ابتزاز فاضحة قام بها مشاركون في الحملات في لبنان وفي دول أوروبية التي استهدفت سلامة، خصوصاً بعدما صدرت قرارات قضائية في هذه الدول أكدت عدم صحة الإخبارات والدعاوى المقدمة لعدم استنادها إلى أي وقائع.
سلامة إلى الحرية، وستكون المرحلة المقبلة حاسمة كما أكد وكيله القانوني الذي لوح بملاحقة كل من ساهم واستغل واستفاد من توقيفه من أجل تحقيق غايات سياسية ومالية، ما يؤشر إلى مرحلة من فضح الحقائق وهو ما يترقبه كل مواطن كان قد تم تضليله بشعارات عدة لا تزال مستمرة لدى البعض، لتتضح الصورة أخيراً.