لم يكن جبران باسيل يوماً وزير طاقة بل وزير صفقات، وتاجر أحلام "السدود" ليملأ جيوب المقاولين ويمهّد لنفسه طريق الزعامة.
سد بلعا هو وصمة عار في تاريخه: خمسون مليون دولار من المال العام ذهبت إلى حفرة إسمنتية لم تخزّن سوى الفشل والفضائح. باسيل الذي روّج للسدود كـ"إنجاز تاريخي" ترك لبنان عطشاً والبترون منكوبة والبيئة مدمّرة. ما حدث ليس خطأ ولا سوء إدارة، بل جريمة موصوفة بالنهب المنظّم، بطلها وزير باع الوطن كما باع الكهرباء والغاز والوعود الكاذبة.

في السياق، أشار رئيس جمعية الأرض لبنان، بول أبي راشد لموقع LebTalks، إلى أن "واقع سد بلعا تحوّل إلى رمز للهدر وسوء التخطيط. بعد أكثر من عشر سنوات وصرف نحو 50 مليون دولار من المال العام، لم يُنجز المشروع ولم يخزّن أي متر مكعب من المياه، فيما استمرّت الأضرار البيئية في المنطقة"، لافتاً إلى أن "الحديث عن "إنجاز جبران" اليوم لا يغيّر الحقيقة بأنه مشروع فاشل بامتياز ولم يقدّم للبترون أو للبنان أي منفعة حتى الآن".
وتابع: "الإصرار على السدود يرتبط أكثر بالمصالح السياسية والاقتصادية وشبكات المقاولات، وليس بالعلم أو المصلحة العامة. فالدراسات الدولية نفسها تؤكد أن لبنان بلد جبلي يعتمد أساساً على المياه الجوفية (تشكل أكثر من 50% من موارده المائية)، ورغم ذلك، يتم تسويق السدود كخيار وحيد، لأنها ببساطة مشاريع ضخمة تفتح باب الصفقات والعقود على حساب الخزينة والطبيعة".

وشدّد أبي راشد على أن "سد بلعا مثال صارخ على الكارثة البيئية والمالية معاً:
- كلفته قاربت 50 مليون دولار مقابل سعة تخزينية لا تتجاوز 1.2 مليون م³، أي من الأعلى عالمياً من حيث كلفة المتر المكعب
المشروع دمّر وجه البترون عبر المقالع العشوائية التي استُخدمت لطمر البواليع، وأبرزها مقلع بشتودار عورا غير القانوني، ما شوّه المنظر الطبيعي وتسبب بتآكل جبال المنطقة
بيئياً، لم يعالج المشروع أي حاجة مائية فعلية بل زاد المخاطر على النظم البيئية المحلية".
أما عن الحلول العملية، فكشف أبي راشد عن أن "البدائل موجودة منذ سنوات، لكنها تتطلب إرادة سياسية حقيقية، ومنها:
- إصلاح شبكة المياه التي تخسر أكثر من 50% من الكميات بسبب التسرب
- تنظيم وضبط الآبار بدل الفوضى الحالية، مع الاستثمار في الطاقة المتجددة لتشغيل المضخات
- إدارة الأحواض الجوفية بطرق مستدامة، مع حماية الينابيع من التلوث والاعتداءات
- حصاد مياه الأمطار عبر برك جبلية صغيرة وحلول لامركزية منخفضة الكلفة
- اعتماد تحلية مياه البحر في المناطق الساحلية عند الحاجة، وهي اليوم أوفر من كلفة السدود
بهذه الإجراءات يمكن تلبية حاجات لبنان المائية بكلفة أقل وبأثر بيئي محدود، بعيداً عن المشاريع التدميرية التي أثبتت فشلها".

في الختام، جبران باسيل تاجر أحلام. سد بلعا وغيره من مشاريع السدود ليست "أخطاء تقنية" بل مقابر إسمنتية للمال العام، شواهد على فساد رجل جعل من وزارة الطاقة مزرعة ومن خزينة الدولة بقرة حلوب لشبكاته وزبائنيته. من الكهرباء المقطوعة إلى المياه المهدورة، ترك وراءه خراباً بيئياً ومالياً وأخلاقياً. التاريخ سيسجّل أن باسيل عطّش اللبنانيين، دمّر جبالهم، ودفن ملايين الدولارات في صفقات عار، فيما تاجر بشعارات الإصلاح ليتحصّن في قصوره. هو الوجه الأوضح لطبقة سياسية سرقت الحاضر والمستقبل، ولا مكان له إلا في قفص الاتهام كأحد كبار مجرمي لبنان.