خريف المواجهات.. حرب أخرى على الأبواب؟

WhatsApp Image 2025-10-03 at 13.59.02_077d97ad

في ظل التوترات المتصاعدة على الحدود اللبنانية، يبرز فشل حزب الله العسكري بشكل واضح، إذ تكشف العمليات الأخيرة عن عجزه في مواجهة التهديدات وقياس قدراته على الأرض.

ومع ذلك، يصر "الحزب" على إعادة بناء ترسانته والتغني بانتصارات وهمية، محاولاً التغطية على إخفاقاته الفادحة.

هذه الازدواجية بين الفشل الميداني والادعاءات الإعلامية تضع لبنان على صفيح ساخن، حيث أي شرارة صغيرة قد تتحول إلى مواجهة مفتوحة مع إسرائيل.

ويبقى السؤال الإقليمي الكبير، هل ستتفرّغ إسرائيل للجبهة اللبنانية بعد انتهاء مواجهاتها في غزة؟ ورغم جاهزية الجيش الإسرائيلي للعمل على جبهات عدة في آن واحد، تبقى المعادلة أكثر تعقيداً، إذ أي تحرك على الحدود اللبنانية مرتبط بالمشهد الإقليمي بأسره.

فالتوترات في سوريا واليمن والعراق، وتشابك أذرع إيران في المنطقة، تجعل أي تحرك إسرائيلي محسوباً بدقة لتجنب الانزلاق إلى مواجهة شاملة، وفي الوقت نفسه لاستنزاف قدرات محور المقاومة بطريقة استراتيجية.

وفي هذا السياق، قدرة حزب الله على الصمود أو الاستفزاز لا تُقاس بمعزل عن هذه المعادلات الإقليمية، ويصبح كل تصرف على الحدود اختباراً ليس للبنان فقط، بل لتوازن القوى في المنطقة بأسرها، حيث أي شرارة صغيرة قد تتحوّل إلى مواجهة تؤثر على أكثر من جبهة في الشرق الأوسط.

في هذا الإطار يقول الخبير العسكري يعرب صخر في حديث لموقع LebTalks إن "إسرائيل مستعدة، كما قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على سبع جبهات دائماً، ما يعني أن 7 تشرين الأول غيّر العقيدة العسكرية، والحروب مهما طال زمنها كانت حروباً خاطفة؛ لكن اليوم الحرب مرّ عليها سنتين، وليس بالضرورة أن تنتظر إسرائيل التفرّغ من غزة لتتفرّغ للبنان".

ويتابع: "إسرائيل لديها حشود عسكرية في شمال إسرائيل أي على الجنوب اللبناني وتتعزز شيئاً فشيئاً؛ هذا أولاً. ثانياً، الحالة السياسية في لبنان تعطي الذرائع لإسرائيل لتجديد حملتها على لبنان، حيث يتبيّن يوماً بعد يوم أن السلطة اللبنانية لا تستطيع كبح جماح حزب الله، وهو بدوره لا يزال متمسّكاً برفض حصر السلاح"، مشيراً إلى أن "تظاهرات وحركات واحتجاجات "الحزب"، وآخرها تجمّع الروشة، بيّنت أن الدولة اللبنانية غير قادرة على لجم حزب الله. وهذه هي، كما يُعرف، الخطة "أ"، أن تتولى السلطة اللبنانية نزع سلاح حزب الله والميليشيات كافة في مهل زمنية محددة وفقاً للقرار الذي صدر في 5 آب، لكن في 5 أيلول صدر قرار آخر بتكليف الجيش وضع خدمة، وهذا يعني أنه جرى "تمييع" قرار 5 آب بحصر السلاح. هذه هي الخطة "أ" المولجة بالدولة اللبنانية والتي يجب أن تُنفَّذ خلال أشهر معدودة".

ويشير صخر إلى أن "الخطة "ب" التي أعلن عنها السيناتور الأميركي ليندسي غراهام تقول إنه إذا لم تستطع الدولة اللبنانية حصر السلاح فهناك وسائل أخرى كالقوة العسكرية الجبرية، وهذه القوة هي إسرائيل. إسرائيل جاهزة، لكن لاعتبارات معينة تفضّل أن تستهدف بشكل متزامن قيادات ومراكز يومية، وهي غير مضطرة أن تستنزف قواها في حرب برية أخرى أو في تصعيد الجبهة بشكل أكبر من السابق؛ هي مكتفية بما تقوم به طالما أن أغراضها تتحقق"، موضحاً أن "يفيدها عدم وجود استقرار في لبنان بين الحزب والدولة اللبنانية، وهذا يخدمها. وقد لا تفعل شيئاً، وقد تستمر في ما تفعله من استهداف للقيادات والمراكز يومياً، ولديها بنك أهداف وبيانات معلومات قد تستمر بالعمل بها، لأن التوجه الأساسي الآن هو الحرب على إيران، وقد تتزامن الحرب على إيران مع الحرب على أذرعها"، لافتاً إلى أن "الحرب على إيران ستكون بمشاركة أميركية وربما أممية بعدما فعّلت أوروبا الـ"سناب باك"، وهناك ميول وتوجه كبير نحو تجدد الحرب على إيران لأن الهدف الأساسي قطع رأس الأفعى؛ يعني ضرب الأصيل لينتهي الوكيل، وهم "الحزب" والحشد والحوثيون، وقد يتزامن هذا الشيء مع حرب على لبنان بضربات موضعية، جراحية محددة، تصعيدية وتدريجية أكبر من الموجود حالياً".

ويتابع: "برأيي، التوجه الإسرائيلي في المستقبل القريب هو التركيز على الجبهة الإيرانية؛ وكما قال توم براك: "ضرب رؤوس الأفاعي"، وفعلاً هذا الخريف ساخن".

وعن الحرب البرية، قال: "إسرائيل تحتل حتى الآن خمسة نقاط في لبنان وقد تزيد إلى ثمانية، وتُجري فيها عمليات استطلاع وتستطيع السيطرة على كل ما دون هذه النقاط التي قد تضعفها وتعمّق الجبهة الأمامية المحتلّة التي باتت أرضاً محروقة غير قابلة للحياة؛ والممتدة من الناقورة حتى كفرشوبا، بعمق 2–3 كيلومترات وقد تُعمَّق أكثر من ذلك، وقد تلجأ عبر عملية "الشبك" إلى ربط المنطقة العازلة بكتف الجولان وكتف حرمون والجنوب السوري لتصبح منطقة عازلة متصلة واحدة، وتنفذ من هذه المنطقة نحو البقاع الغربي والبقاع الأوسط لفصل البقاع عن بيروت والجنوب ولفصل لبنان عن سوريا، ومن ثم تضرب في عمق البقاع الشمالي، الذي هو البقعة اللوجستية الخلفية لحزب الله. لكن التركيز الأساسي هو المعركة القادمة على إيران، وبواسطة ذلك قد تحقق أهدافاً أخرى في لبنان واليمن والعراق".

في ضوء هذه المعطيات، يتبيّن أن المشهد الإقليمي يتجاوز حدود لبنان وحده، ليشكّل لوحة معقدة من الصراعات المتشابكة. فإسرائيل، رغم امتلاكها القدرة العسكرية، تدرك أن أي حرب شاملة ستضعها أمام تحديات سياسية واقتصادية وأمنية يصعب التحكم بمسارها ونتائجها، ما يجعل خيار الاستنزاف المحدود أقل كلفة وأكثر انسجاماً مع استراتيجيتها في المدى المنظور.

وفي المقابل، يبقى الغموض مسيطراً على طبيعة المرحلة المقبلة، إذ تتقاطع عوامل عدة، من الضغوط الدولية إلى التوازنات الإقليمية، مروراً بواقع الداخل اللبناني، لتجعل من كل سيناريو مطروحاً احتمالاً قائماً.

وبالتالي، فإن ما سيشهده الإقليم في الأشهر المقبلة قد يكون نقطة تحوّل أساسية، ليس فقط في تحديد شكل المواجهة، بل أيضاً في رسم ملامح مرحلة جديدة ستنعكس على مستقبل الاستقرار في المنطقة بأسرها.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: