من "نور العِلْم" إلى "عبْء الأقساط": العِلْم في لبنان للأغنياء فقط؟

school

بعد سنوات طويلة من التعب والعمل، ادخر اللبنانيون ما استطاعوا لتأمين تعليم جيّدٍ لأبنائهم، مُؤمِنين بأنّ العِلْم سيكون "نوراً" لمستقبلهم.

لكن مع الأزمة الاقتصادية التي ضربت لبنان عام 2019، وتزامنها مع انهيار المصارف، ضاعت مدّخرات الأهالي فجأة، لتتحوّل الآمال إلى خيبات كبيرة.

التعليم الجامعيّ بخطر!

أثرت الأزمة المالية بشكل مباشر على التعليم في لبنان، مع ارتفاع تكاليف المدارس والجامعات وتوجه واضح نحو "دولرة" الأقساط، إلى جانب تقليص برامج الدعم والمنح، في السنوات الأخيرة.

هذا الواقع جعل متابعة التعليم العالي أمرًا صعبًا على الطلاب والعائلات، على الرغم من كل الجهود التي بذلوها لتأمين مستقبل أبنائهم.

فبحسب المعلومات، الجامعة اللبنانية تستوعب نحو 35% من الطلاب، بينما يلتحق الباقون بالجامعات الخاصة التي ترتفع أقساطها سنويًا، ما يزيد العبء المالي على الأهالي.

ووفقاً لبيانات إدارة الإحصاء المركزي ومشروع BRITE، بلغ عدد طلاب التعليم العالي في لبنان عام 2023 نحو 224,229 طالبًا، مع تراجع نسبة الالتحاق من 61.6% في 2022 إلى 60.17% في 2023.

الأقساط المدرسية.. عبء إضافيّ على العائلات

أما في المدارس، فقد أظهرت دراسة أن نحو 46% من الطلاب انتقلوا من المدارس الخاصة إلى التعليم الرسمي لتخفيف الضغط المالي على الأهالي.

فخلال عام 2025، شهدت المدارس الخاصة زيادات في الأقساط تراوحت بين 40% و120%، أي بين 500 و1500 دولار للطالب الواحد. وفي بعض مناطق بيروت والمتن وكسروان تجاوزت الأقساط 7,000 دولار، بينما كانت الزيادة في مناطق الدخل المحدود مثل عكار وطرابلس بين 300 و400 دولار.

ولم تقتصر الأعباء على الأقساط، بل شملت تكاليف إضافية مثل الزي المدرسي (200–400 دولار) والقرطاسية (200–600 دولار).

أزمة تحتاج إلى حلول جذرية

تُظهر هذه الأرقام أنّ التعليم في لبنان لم يعُد مجرّد تحدٍّ تربوي، بل أزمة اجتماعية واقتصادية تمسّ كل بيت لبناني.

فالتفاوت الكبير بين كلفة التعليم الرسمي والخاص جعل من الحصول على تعليم جيّد "حلمًا" صعب المنال لكثير من العائلات.

التعليم ليس رفاهية، بل حق أساسي وأداة لبناء المستقبل.

ومن هنا، يصبح من الضروري أن تتعاون الحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي لضمان استمرارية التعليم في البلاد، وتأمين الدعم المالي اللازم للمدارس والجامعات، وحماية ودائع المودعين، ووضع الملفّ على محمل الجدّ، حتى لا يُحرم أي طالب من حقه في التعلم بسبب أزمة اقتصادية لا ذنب له فيها.

في هذا السياق، يواصل موقع "LebTalks" متابعة القضايا الاجتماعية التي تُسلّط الضوء على الأبعاد الإنسانية للأزمات في لبنان.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: