يدخل لبنان أسبوعاً سياسياً مزدحماً بين جلسةٍ نيابيةٍ تقنية مخصّصة لانتخاب اللجان من جهة، وتصاعد الحراك الديبلوماسي من جهةٍ أخرى، وسط ترقّب داخلي لمسار الانتخابات النيابية المقبلة.
في الداخل، لا جديد تحت قبّة البرلمان. جلسة الثلثاء النيابية ستشهد انتخاب أعضاء اللجان ورؤسائها. ومع اقتراب نهاية ولاية المجلس، يعكس واقع المجلس النيابي، واقعاً سياسياً راكداً ينتظر الاستحقاق الانتخابي في أيار المقبل.
أما في الملف الانتخابي، فتؤكد المواقف أنه لا تأجيل للاستحقاق، وأن الانتخابات ستُجرى في موعدها. بالمقابل، يرفض رئيس المجلس النيابي نبيه بري حتى الساعة إدراج اقتراح القانون المعجّل المكرّر المقدَّم في أيار الماضي على جدول أعمال الهيئة العامة، وهو القانون الذي وقّعه أكثر من نصف أعضاء المجلس، ويهدف إلى إلغاء المادة 112 من قانون الانتخاب الحالي.
أما المشروع الذي طرحه وزير الخارجية يوسف رجي، فيُنتظر أن يدخل إلى جدول أعمال الحكومة، ما يعني استمرار حزب القوات اللبنانية وسائر القوى الداعمة في محاولاتها لتحقيق اقتراع اللبنانيين في الخارج للنواب الـ128. وتشير مصادر Lebtalks إلى اتجاهٍ لاستبعاد فكرة "الدائرة السادسة عشرة" الخاصة بالمغتربين، ما يضع الاستحقاق أمام خيارين: إما اقتراع اللبنانيين المنتشرين للنواب الـ128 من أماكن إقامتهم، أو حصر اقتراعهم داخل لبنان كما حصل سابقاً.
خارجياً، يسود حراك ميداني وسياسي متزامن: تسريبات عن مفاوضاتٍ غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل برعايةٍ أميركية، هدفها الأولي هدنةٌ موقتة قد تتوسع لاحقاً إلى ترتيباتٍ أوسع. في المقابل، ترفع روسيا نغمة الالتزام بالقرار الدولي 1701، داعيةً حزب الله إلى التحوّل إلى قوةٍ سياسيةٍ بحتة.
وفي الداخل، تعلو أصواتٌ تعتبر أن لبنان نفّذ التزاماته بالقرار 1701، فيما ترى مصادر أخرى أن القرار الدولي يشمل نزع السلاح غير الشرعي من كامل الأراضي اللبنانية، وهو ما لم يتحقّق حتى الساعة. وتبرز في بيروت مخاوف متزايدة من أن يتحوّل أي تصعيدٍ ميداني جديد إلى مدخلٍ لتفاوضٍ مباشر تفرضه الوقائع العسكرية.
بين هدوء البرلمان وصخب الجبهات، يقف لبنان على مفترقٍ مزدوج: انتخابات يُراد لها أن تُثبّت الاستقرار السياسي، ومفاوضات يُخشى أن تفرض واقعاً أمنياً جديداً. وفي الحالتين، تبقى الكلمة الفصل في قدرة الدولة على حماية قرارها الوطني، عبر التزامها بأن تكون دولةً طبيعية، تحتكر السلاح وتتحمّل مسؤولية أمنها أولًا وأخيراً.