بعد طول انتظار لحل أزمة البنزين وإكتظاظ الشوارع بالسيارات المركونة أمام المحطات عبر طوابير الذل وإهانة كرامة اللبنانيّين وإلاشكالات التي تقع يومياً، والتي أدت بمعظمها الى سقوط قتلى وجرحى، حصلت التسوية “المنتظرة” قبل أيام في قصر بعبدا، بين رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، وحاكم مصرف لبنان ووزيريّ المال والطاقة، وُصفت “بالترقيعية ّ بعد فتح حساب موقّت، لتغطية دعم عاجل من مازوت وبنزين ب 225 مليون دولار أميركي حتى نهاية أيلول المقبل. والسعر المعتمد في جدول تركيب الأسعار حُدَّد بثمانية الآف ليرة، على أن يتمّ تسديد هذه الفروقات من موازنة العام 2022.
على أثر هذه التسوية، بدأت التبريرات من قبل أهل السلطة بأنها إنطلقت من تدارك تداعيات قرار المصرف المركزي برفع الدعم عن المحروقات، والتي ستؤدي الى تأثيرات سلبية وأعباء على حياة المواطنين، في إنتظار انطلاق عمل البطاقة التمويلية التي يُعمل على تطبيقها مطلع تشرين الأول المقبل، بحسب ما يقول المعنيون بها، والنتيجة من كل ذلك الترقيع نصف رفعٍ للدعم لن ينهي بالتأكيد أزمة المحروقات المستمرة، والدليل ما نشهده اليوم من طوابير السيارات في مختلف المناطق اللبنانية.
الى ذلك، يستمر التحايل على المواطنين عبر الكلام المعسول والعاطفي الذي لم يعد ينطلي على أحد، بعد وضعهم هذه التسوية في خانة حماية الفئات الشعبية من التداعيات القاسية لرفع الدعم، في حين سيخلق هذا الحل المزيد من التضخّم، مع إستمرار الأزمة طالما سيرتفع السعر مجدداً. لكن البارز والمطمئن أنّ الطرفين، أي رئيس الجمهورية وحاكم مصرف لبنان، حصلا على ما يريدان، فلا غالب ولا مغلوب، والمواطن وحده يتحمّل النتيجة المرّة.
وإنطلاقاً من هنا نسأل:” هل كانت التسوية حلاً لإنهاء طوابير الذل وتقنين المولدات؟ بالتأكيد لا… لأن الأزمة ستتجدّد نهاية أيلول، وطالما أنّ مصرف لبنان لن يفتح الاعتمادات بحسب حاجة السوق، فالطلب سيبقى مرتفعاً وليس هنالك ضمانة بأن يستمر الدعم حتى آخر أيلول، وبالتالي فالقرار سينعكس على كل القطاعات، وقد بدأ ذلك منذ لحظة إعلان تلك التسوية.
اما اللافت والمضحك المبكي في آن فهو ردود المسؤولين المعنيّين، والتي أكدّت بأنهم يعيشون على كوكب أخر، فبعد جواب وزير الطاقة ريمون غجر، حول الحل لهذه الازمة ” دبروا حالكم وما تستعملوا سياراتكم وإستعملوا شي تاني”، أتى اقتراح المديرة العامة لمنشآت النفط أورور فغالي:” خففوا مشاوير بتتأقلموا”، فشكراً جزيلاً من اللبنانيين على هذا الاقتراح الذكي …!