يقول المفكر الحربي الصيني تسن تزو في كتابه الشهير "فن الحرب" إنّ الخداع جزءٌ أساسي من الانتصار في الحروب.
بهذه المقولة نفتتح هذا المقال لنشير إلى الفخ السياسي الذي أوقعَتْ فيه حماس نفسها في غزة.
ما وراء الاتفاق البروتوكولي في شرم الشيخ، وما وراء نصوص الاتفاق والصور التذكارية للملوك والأمراء والرؤساء، "قُطْبَة مخفية" كشفتها الساعات الأخيرة في قطاع غزة.
تجلّت هذه القُطبة المخفية في اللحظة التي أُعطيَتْ فيها حماس دور الشرطة في غزة لضبط الأمن في هذه الفترة الانتقالية من الحرب إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة للقطاع.
إعطاء هذا الدور لحماس تبَيّنَ أنه بمثابة دسّ السمّ في عسلها ونصب فخ سياسي محكم ضدها.
فحين كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في شرم الشيخ يردّ على سؤال لصحافي حول قيام حماس بتصفية فلسطينيين في القطاع بقوله إن حماس تقوم بالقضاء على مجرمين وعصابات إجرام في القطاع، كان يَدُسُّ السمّ؛ إذ عندما عاد إلى واشنطن وتفاقمت عمليات حماس الأمنية في القطاع غرد الرئيس الأميركي بتهديدٍ لحماس بأنه في حال صحة التقارير بقيام حماس بقتل مدنيين فلسطينيين سيقوم بالتدخل وإعدام حماس وقتلهم.
فأوراق شرم الشيخ، إذا كانت بمثابة ورقة إعدام لحماس، من حيث إن الأميركي والإسرائيلي نجحا في جرّ حماس إلى فخ فلسطيني ـ فلسطيني يُنزَع عنها بلا شكّ أية مشروعية أو ما تبقّى لها من مشروعية فلسطينية وخليجية وعربية؛ لكونها باتت قاتلةً للفلسطينيين أنفسهم، وتحديدًا الغزاويين، بدل إسرائيل.
فخٌّ ضخم ومدمّر على حماس يجردها هذه المرة من أي دعم عربي وإسلامي في المنطقة ويغيّر بوصلة الاتهام من إسرائيل كقاتلة لأهل غزة إلى حماس نفسها، مُجعلًا إياها هي قاتلة شعبها وأبناء غزة، ومُقَلِّبًا بذلك موازين التعاطف والتأييد.
يبدو أنّ خطة الرئيس الأميركي نجحت في استبدال إسرائيل كقاتلة أهل غزة بحماس نفسها وعشائرها والعائلات الغزاوية ذات التاريخ الصدامي مع حماس في القطاع.
من هنا، فإن الأيام المقبلة في غزة مقبلة على تطورات كبرى، ليس أقلها إرسال قوات عسكرية أجنبية، تُشير بعض المعلومات إلى إمكانية أن تكون باكستانية أو تركية وربما إسرائيلية أو حتى أميركية، إلى القطاع "لإنهاء إجرام حماس بحق أبناء غزة"، وبالتالي ضرب الأنفاق والمخازن والأوكية تحت الأرض لحماس، ما سيكشف عناصرها المتبقية ويعرّضهم للقتل.
فهل وقعت حماس في الفخ القاضي؟؟؟
وهل نجح الرئيس دونالد ترامب في الإيقاع بحماس نهائيًا؟؟؟
الأيام والأسابيع القليلة المقبلة ستعطي الإجابات، علماً أن قمة شرم الشيخ لم تُصدر بيانًا رسميًا بنتائج أعمالها إلى الآن، كما أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" منذ أيام.