أشار مصدر وزاري إلى أنّ "الموقف الرسمي اللبناني يستند من طرح التفاوض المباشر مع إسرائيل إلى ثوابت وطنية واضحة لا لبس فيها، أولها ألا تغيير في المبدأ الرافض لأي شكل من أشكال التطبيع أو التفاوض السياسي، وثانيها أن أي نقاش يجري اليوم، سواء في الناقورة أو عبر الوسطاء الدوليين، لا يتعدى كونه سعياً لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه مسبقاً، لا البحث في اتفاق جديد أو صيغة سلام. فالدولة اللبنانية، تتعامل مع المسعى الأميركي القائم حالياً من موقع المتمسك بحقوقه وبمرجعية القرارات الدولية، وليس كطرف يبحث عن تسوية سياسية".
وشرح المصدر الموقف اللبناني بالقول "حاولت واشنطن مؤخراً إعادة تحريك ملف الناقورة عبر ما يشبه وساطة تقنية ـ سياسية هدفها الضغط على إسرائيل للالتزام بالاتفاق الذي أنجز في 27 تشرين الثاني 2024، والذي قضى بوقف الأعمال العدائية والتمهيد لترسيم الحدود البرية بعد إنجاز الترسيم البحري. إلا أن الجانب الإسرائيلي، لم يظهر أي استعداد فعلي للتقيد بالالتزامات، بل واصل الخروق اليومية للقرار، ما أعاد المفاوضات إلى نقطة الجمود نفسها التي عرفتها في الأشهر الماضية".
وفي تقييمه لأفق التحرك الأميركي، شدد المصدر على "أن لبنان تعاطى مع الطرح بمرونة محسوبة، إذ وافق على الصيغة التي عرضها المبعوث الأميركي توماس باراك على أساس أنها تفاوض غير مباشر ضمن إطار الناقورة وتحت رعاية الأمم المتحدة، وليس مفاوضات سياسية ذات طابع تطبيعي. فالمقصود من هذا المسار هو الضغط على إسرائيل من أجل تنفيذ ما التزمت به سابقاً، ثم الانتقال إلى البحث التقني في الحدود البرية، لا فتح باب تفاوض سياسي جديد".
وأشار المصدر إلى أن "الحكومة اللبنانية تتعامل بحذر شديد مع أي مصطلح أو صيغة قد تفسر على أنها تمهيد لاتفاق سلام أو مسار تطبيع. وهي تعتبر أن المصلحة الوطنية العليا تقتضي الفصل التام بين الالتزامات الأمنية ـ التقنية التي تفرضها القرارات الدولية وبين أي أبعاد سياسية محتملة. لذا، فإن الحديث عن تفاوض يجب فهمه في سياقه التنفيذي، لا السياسي".
وأضاف المصدر "تنطلق الدولة اللبنانية من موقف مبدئي يقوم على أن إسرائيل هي الطرف المعتدي والمخل بالتفاهمات، وبالتالي فإن أي جهد ديبلوماسي أو تفاوضي يجب أن يهدف حصراً إلى إلزامها بتنفيذ ما سبق أن وقع، وليس إلى إعادة صياغة تفاهم جديد يمنحها غطاء سياسياً أو اعترافاً ضمنياً. فالمطلوب اليوم هو فرض التطبيق، لا التفاوض على التطبيق".
وختم المصدر بالتأكيد "أن لبنان، وهو يدرك دقة المرحلة الإقليمية وحساسية الوضع على حدوده الجنوبية، لن ينجر إلى أي مسار قد يخرج عن الإجماع الوطني الذي يرفض التطبيع ويؤكد على مبدأ الالتزام بالقرارات الدولية. فالموقف الرسمي بات محسوماً وهو ألا تفاوض مباشر، ولا سلام مفروضاً، بل التزام بالاتفاق وتنفيذ للقرارات بما يحفظ السيادة ويمنع فرض معادلات جديدة بقوة الأمر الواقع".