تفيد مصادر مطلعة على ملف النفط والغاز بأن ما يجري تداوله حول "عرقلة" وزير الطاقة والمياه جو الصدي لعمل شركة TGS لا يعدو كونه حملة منظّمة تستهدف تشويه مقاربة الوزير في إدارة هذا الملف السيادي الحساس. فبعيداً من الشعارات، تُظهر الوثائق الرسمية أن الوزير لم يتخذ أي إجراء خارج الأطر القانونية، بل سعى إلى تصحيح مسار طويل من الإهمال والتساهل الذي استفادت منه بعض الشركات على حساب مصلحة الدولة اللبنانية.
توضح المصادر أن شركة TGS تمتلك منذ سنوات ترخيصاً يسمح لها بإجراء مسوحات زلزالية في المياه البحرية اللبنانية، لكنها تجاهلت بشكل لافت البلوك رقم 8، رغم أهميته الاستراتيجية وموقعه الحدودي الجنوبي. وخلال الفترة نفسها، أجرت الشركة مسوحات في كل البلوكات الأخرى تقريباً، ما يثير تساؤلات جدية: لماذا لم تبادر إلى العمل في هذا البلوك تحديداً طوال كل تلك السنوات؟ ولماذا قررت التحرك فجأة في عام 2025، تزامناً مع إعلان ائتلاف "توتال – إيني – قطر للطاقة" عن خطته لإجراء مسح زلزالي ثلاثي الأبعاد في المنطقة نفسها؟
وفق المصادر، الإجابة واضحة: لأن TGS تستفيد من بيع البيانات الناتجة عن المسح، من دون أي التزام بالاستكشاف أو الإنتاج. أي أنها تحقق أرباحاً من الدولة والشركات من دون أن تتحمل أية مخاطر مالية أو تقنية، خلافاً لائتلاف توتال الذي يلتزم فعلياً بالحفر والاستكشاف ضمن مهَل قانونية محددة تفرضها اتفاقية الاستكشاف والإنتاج. ومن هنا، يصبح من المشروع التساؤل: من الذي يخدم مصلحة لبنان فعلاً؟ الشركة التي تجمع بيانات لتسويقها، أم التحالف الذي يلتزم بالحفر ويستثمر على الأرض؟
تضيف المصادر أن الوزير الصدي لم يُلغِ رخصة TGS كما روّج البعض، بل أصدر كتاباً رسمياً (رقم 1624/و بتاريخ 1 تشرين الأول 2025) يطلب فيه تأجيل الأنشطة موقتاً، بناءً على توصية من هيئة إدارة قطاع البترول، وذلك لتفادي أي تضارب محتمل في المصالح مع أعمال التحالف الدولي. كما أن الوزير، حين تبيّن أن السفينة التابعة للشركة استمرت بالتحضير رغم القرار، وجّه إنذاراً رسمياً عبر البريد الإلكتروني في 3 تشرين الأول 2025، مهدداً بإلغاء الرخصة وتحميل الشركة مسؤولية أي ضرر قد يصيب الدولة اللبنانية.
وتشير المصادر إلى أن الشركة استجابت فوراً وتوقفت عن التحضيرات، فيما بقيت حقوقها التسويقية محفوظة كما هي، وهو ما يثبت أن الوزير لم يتصرف بانفعال أو استنسابية، بل وفق إجراءات قانونية منضبطة هدفها حماية السيادة والشفافية.
أما ما يروّجه بعض المدافعين عن TGS "إضرار بسمعة لبنان الاستثمارية"، فتصفه المصادر بأنه مزايدة فارغة، لأن الشركة نفسها لم تُظهر أي التزام فعلي منذ سنوات، واكتفت بالاحتفاظ برخصتها من دون تنفيذ المسح المطلوب. وتؤكد المصادر أن إقدام ائتلاف توتال على تنفيذ المسح في البلوك 8 خطوة سيادية طال انتظارها، بعدما "تخلّفت" TGS عن القيام بها رغم امتلاكها الترخيص ذاته.
وتذكّر المصادر بأن المادة 154 من المرسوم 10289/2013 واضحة في هذا الشأن: جميع البيانات الناتجة عن المسوحات الزلزالية تبقى ملكاً للدولة اللبنانية أياً تكن الجهة التي نفذتها. وبالتالي، الحديث عن "خطر على السيادة" أو "مصادرة بيانات الشركة" هو مجرد فزاعة إعلامية لتشويه صورة الوزارة.
وفي المقابل، يشدّد المطلعون على أن الوزير الصدي يضع مصلحة الدولة فوق أي اعتبارات تجارية أو سياسية، وهو ما أزعج بعض الجهات التي اعتادت أن تتصرف في هذا الملف وكأنه ملكية خاصة. فإدارة قطاع النفط ليست مضماراً للمزايدات أو للعلاقات العامة، بل مسؤولية وطنية تتطلب قرارات حازمة وصارمة، وهو ما فعله الوزير حين وضع حداً للتسيّب المستمر منذ سنوات.
في ضوء ذلك، تسأل المصادر: من الذي يستحق الانتقاد فعلاً الوزير الذي اتخذ قراراً سيادياً مدروساً لحماية مصالح لبنان، أم الشركة التي تأخرت سنوات ثم تحركت فجأة حين شعرت أن مصالحها التجارية مهددة؟
الجواب، برأي المصادر المطلعة، واضح لكل من يقرأ الحقائق بلا تحيّز: جو الصدي تصرّف كوزيرٍ مسؤول عن دولة، فيما تصرّف الآخرون كمدافعين عن شركة.