بالنسبة للتيار الوطني الحر قيادة وقاعدة يُعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري من أبرز "المسؤولين الفاسدين" في لبنان ولذلك لم يتوان رئيس التيار جبران باسيل عن نعته بـ"البلطجي" بتسجيل بالصورة والصوت في كانون الثاني من العام ٢٠١٨، وفي المقابل يتناقل سياسيون وشخصيات التقت الرئيس بري بأنه كان يصف باسيل بالعبارة التالية "عقل برغوث ومعدة حوت".
في آب من العام ٢٠٢٠ وفي سياق نهج اتهام بري بالفساد من قبل العونيين، قال رئيس الجمهورية آنذاك ميشال عون إن المقاولين يدفعون خوات في وزارة المال من أجل تحصيل مستحقاتهم وكان المعاون السياسي لبري علي حسن خليل هو الذي يتولى الوزارة فرد بالقول: "حقائب مليئة بالأموال تحوَل إلى بعبدا وقصرها"، وعلى الرغم من أن كل هذه الإتهامات كانت علنية وموثقة بالصورة والصوت إلا أن أحداً لم يكلف نفسه عناء التحقق منها.
هذه الإتهامات المتبادلة لم تفسد في الود قضية بين التيار الوطني الحر وبري باعتبار أن الهدف السياسي واحد ولذلك رمى الطرفان خلفهما كل الخلافات والإتهامات بالفساد وعقدا تحالفاً فوق الطاولة من أجل تأمين مصالحهما ومن هنا أتى الحلف الإنتخابي بينهما في انتخابات نيابية سابقة وسيتكرر في انتخابات العام ٢٠٢٦ بحيث يستفيد باسيل من أصوات حركة أمل في تجميع الحواصل وبالتالي تجميع النواب في دوائر متعددة مثل بيروت الثانية وكسروان جبيل وزحلة وبعبدا وبعلبك الهرمل وراشيا البقاع الغربي، ولذلك أيضاً يقف التيار الوطني الحر مع بري في المعركة الحالية مع القوات اللبنانية على خلفية رفض تعديل قانون الإنتخابات في المادة ١١٢ منه والمتعلقة باقتراع اللبنانيين المقيمين خارج لبنان على الرغم من توفر الأكثرية النيابية وكل المعايير الدستورية لهذا التعديل الذي سيتيح للبنانيين المقيمين في الخارج الإقتراع للمقاعد النيابية الـ١٢٨ كل وفق دائرته الإنتخابية في لبنان.
في مبادئ التيار الوطني الحر أن التحالف مع من يصفهم بالفاسدين في الإنتخابات النيابية أمر مطلوب وجائز إذا كان سيؤدي إلى فوز مرشحين للتيار بمقاعد نيابية، فمبدأ الغاية تبرر الوسيلة هو المعتمد في هذه المسألة وهو المعتمد أيضاً في كل المسائل التي يرى التيار الوطني الحر أن له مصلحة فيها، وهذا ما ينطبق أيضاً على التحالف مع حزب الله فالتيار وخوفاً من انهيار هذا التحالف يتحدث أيضاً بلسانين فهو حالياً يعلن أنه ضد السلاح بعدما قدسه منذ اتفاق ٦ شباط ٢٠٠٦، ولكنه في الوقت ذاته يحاول إيجاد المبررات للإبقاء عليه تحت ستار ما يسمى أوراق القوة والإستراتيجية الدفاعية وتقاضي الأثمان السياسية تجاهه.
في الكلام يبدو أن لا مجال للصلحة بين التيار الوطني الحر من جهة وبري من جهة ثانية وأن تهمة الفساد بحقه لا رجعة عنها، وينطلي هذا الكلام على جمهور التيار فيجد كالعادة مبررات لهذا التحالف الهجين بين "بلطجي" بحسب التيار و"فاسد معاقب" بحسب الأميركيين.