انطلاق الدورة الثانية عشرة لمؤتمر "نساء على خطوط المواجهة"

WhatsApp-Image-2025-08-01-at-11.37.28_199fe730-r9ly5n6oi8olee94eoabqrykxu86ioxyicd7frnzts

عقدت مؤسسة مي شدياق (MCF) الدورة الثانية عشرة من مؤتمر "نساء على خطوط المواجهة" - لبنان، في فندق "فينيسيا"، برعاية رئيس مجلس الوزراء نواف سلام واللبنانية الأولى نعمت عون.

بدأ الحفل بالنشيد الوطني، فكلمة ترحيبة للمؤتمر القتها يمنى نوفل، ثم شكرت رئيسة مؤسسة مي شدياق رئيس الحكومة على حضوره شخصيا "تأكيدا على إيمانه بدور المرأة في المجتمع، وضرورة تمكينها لتتبوأ أهم المناصب القيادية"، وهنأت اللبنانية الاولى رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية على برنامج "جيل المواطنية"، الذي أطلقته قبل أيام في القصر الجمهوري، والذي تندرج في إطاره مبادرة "مدرسة المواطنية" كأولى ركائزه .

‏‎وقالت: "هذا اللقاء يجمعنا حول قضية واحدة: أهمية دور المرأة في النهوض بالمجتمع، والإيمان بقدرة الإنسان – نساء ورجالا – على صناعة التغيير في عالم يزداد اضطرابا كل يوم. و‏‎وجودكم اليوم هو رسالة بحد ذاته. رسالة أمل وإصرار على أن الحوار هو البداية الحقيقية لكل نهضة، وأن الإرادة حين تتوحد، لا تعجز أمام أي تحد".

اضافت: "‏‎لقد غاب مؤتمر "نساء على خطوط المواجهة – Women On the Front Lines" ‏‎عن اللقاء الحضوري في لبنان لخمس سنوات صعبة، حمل فيها كل أنواع الوجع. ‏‎لقد تحملنا ما يفوق طاقة أي دولة على التحمل:جائحة، انفجار، انهيار اقتصادي وحرب لم نخترها، ‎لكننا اليوم نعود رغم كل الجراح، لنؤكد أن لبنان لا يموت، وأن إرادة الحياة أقوى من كل الانكسارات".

‏‎وتابعت: "يسرني أن أعلن افتتاح النسخة الثانية عشرة من هذا المؤتمر الذي تنظمه مؤسسة: ‏May Chidiac Foundation – Media Institute ‏‎بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة،‏ ‎فعودتنا بنسخة حضورية مليئة بالعزيمة، نابعة من إيماننا بأنه أصبحت لدينا مساحة كي نتنفس، ليس لأن صراعاتنا انتهت، بل لأن قبضة الخوف وإيديولوجية العنف بدأتا تفقدان زخمهما.‎ قد نتساءل عن نوع البلد الذي نرغب أن نكون عليه، خصوصا أننا نعيش اليوم لحظة استثنائية لإعادة بناء المؤسسات التي لطالما تآكلت بفعل الفساد والمصالح والمحاصصات. ‏‎عمليا، المنطق يتطلب منا أن نرسم مسارنا الخاص في خضم تحولات إقليمية عميقة ستحدد معالم العقود المقبلة، بدلا من أن نسمح لأجندات خارجية أو مساومات سياسية بأن تمليها علينا، ‏‎الطريق إلى الأمام واضح. ‏‎السيادة لا تتعايش مع الانقسام. ‏‎على الدولة أن تستعيد حصرية سلطتها. وفوق كل شيء، علينا أن ندرك أن كل مواطن، مقيم، ومغترب، رجالا ونساء على حد سواء، شريكان متساويان في هذه اللحظة الحاسمة لوطننا".

وقالت: "‏‎صحيح أن الظروف لا تزال صعبة، وجنوبنا لا يزال ينزف وأن لبنان لم يتعاف كليا بعد عام عصيب للغاية، إلا أن المنطقة من حولنا تشهد تحولا جذريا،‎ فمن الأمل في غزة وإن كان هشا، إلى سوريا الجديدة المندفعة بقوة، إلى الأطر الجديدة التي تتشكل في أنحاء الخليج، يبرز شرق أوسط مختلف، شرق يستثمر في مستقبله ويعيد تحديد مكانته في نظام عالمي متغير. ‏‎جيراننا يحمون مصالحهم، ويسعون إلى الاستقرار، يتجاوزون الأيديولوجيات والصراعات التي لم تعد تخدم شعوبهم ‏‎ينوعون اقتصاداتهم، يستثمرون في قدراتهم التصنيعية، يقودون الابتكار الرقمي، ويدمجون الذكاء الاصطناعي في الحوكمة والبنية التحتية. ‏‎هذه الأفعال أصبحت إنجازات، ولم تعد طموحات . ‏‎أجل، بالمقارنة قد تكون ظروفنا لا تزال قاسية، ‏‎لكن هذه القاعة اليوم، بما تضمه من وجوه مؤمنة بالتغيير، هي البرهان على أن لبنان لا يزال مساحة للحوار، ومنارة للفكر، ومنصة لنساء ورجال يرفضون أن يكونوا ضحايا القدر، بل صناع مستقبل أفضل".

‏‎

اضافت: "عمليا وإذا أردنا أن نخوض في الأرقام، وفيما يخص واقع المرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2025، فالظروف قد تكون لا تزال معقدة: مشاركة النساء في القوى العاملة منخفضة، نحو 16 % مقابل 46 % عالميا،/ والفجوة بين التعليم والعمل كبيرة، رغم ارتفاع الحاصلات على التعليم العالي وبرنامج العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ‏STEM ‏‎الذي يحفز الابتكار، ويعزز التنمية الاقتصادية، ويعزز فهمنا للعالم. ‏‎ومن هذا المنطلق، سيجمع منتدى "نساء على خطوط المواجهة" في كل منصات جلساته الحوارية اليوم، متحدثات ومتحدثين ذلك أن في نسختنا الثانية عشرة لن تكون مشاركة الرجال استثناء...  فإيمان مؤتمر ‏"Women On the Front Lines"‎ يترسخ يوما بعد يوم بأن المساواة والشراكة هما أساس أي دولة  تسعى إلى رسم مصيرها".

وتابعت: "‏‎في برنامج هذا العام، ستتناول الجلسات الحوارية الأسئلة الجوهرية في عصرنا هذا: ‏‎كيف يمكن للنساء أن يتحدن عبر المناطق والأجيال؟ ‏‎وكيف يمكن للسياسة أن تتطور لتعكس المجتمعات التي تدعي تمثيلها؟ ‏‎سنستكشف التحول الرقمي الذي يعيد تشكيل الاقتصادات، وظهور القيادات النسائية في مجال ريادة الأعمال، ودور الإعلام والانتخابات في تعزيز المساءلة والمشاركة. ‏‎مع استعداد لبنان للانتخابات البرلمانية في أيار 2026،/ تعد هذه الحوارات حاجة لا غنى عنها، ذلك أن مشاركة المرأة ليست مسألة تمثيل فحسب؛ بل هي شرط للتجديد الوطني، وأساس أي استقرار دائم".

وختمت: "‏‎أدعوكم اليوم أن تنظروا إلى هذا المؤتمر كفرصة لإعادة بناء الثقة، وصياغة الرؤية، وتجديد الإيمان بقدرتنا على التغيير، ‏‎لنحول نقاشاتنا إلى مشاريع، وكلماتنا إلى خطوات، وأحلامنا إلى أفعال. و‏‎في الختام، أتوجه بجزيل الشكر ل‏UN Women  ولكل من ساهم في تنظيم ودعم وإنجاح هذا اللقاء الذي نريده نبض حياة جديدة في قلب لبنان".

من جهته، قال راعي الحفل: "تجمعنا اليوم مؤسسة تحمل اسم مي شدياق، امرأة حرة شجاعة، حاول البعض إسكاتها مرارا وتكرارا فلما عجز، لجأ إلى العنف، ظنا منه أنه سيطفئ بريقها. إلا أن مي، لم ترهب او تستسلم فحولت الجرح إلى منبر، والألم إلى التزام. ‏‎إلى مي شدياق، كل التحية وكل الاحترام. ‏‎وكما ناضلت مي، ناضلت عشرات النساء في لبنان سياسيا واجتماعيا وفكريأ منذ عقود. فكيف لا نذكر ابتهاج قدورة، مؤسسة جمعية "يقظة الفتاة العربية"، تلك الرائدة التي بدأت نشاطها دفاعا عن قضايا المرأة وحقوقها في بلادنا حتى قبل قيام دولة لبنان الكبير. فبنضالها وبنضال نساء من جيلها مثل جوليا طعمة وعنبرة سلام الخالدي، انتزعت المرأة اللبنانية حقها في الاقتراع والترشح عام 1952، فمهدت الطريق لأجيال تجرأت على خوض الميدان العام".

اضاف: "من بين هؤلاء كانت إميلي فارس إبراهيم، أول من ترجم هذا الحق إلى فعل، فترشحت للانتخابات النيابية عام 1953، لتجسد بشجاعتها قولا وفعلا ما نادت به رفيقاتها في الكفاح، ولتؤكد أن مشاركة المرأة في القرار الوطني ليست ترفا، بل شرطا لنهضة البلاد. ‏‎ومع مرور العقود، انتقل مشعل النضال إلى جيل جديد من النساء. ففي زمن الحرب والانقسام، كانت مثلا ليندا مطر تدافع من خلال "رابطة حقوق المرأة اللبنانية" عن كرامة النساء العاملات وتنادي بالمساواة في الفرص، كما شاركت في تمثيل لبنان في أبرز المحافل الدولية، مثل مؤتمر بكين العالمي عام 1995. ‏‎وإلى جانبها برزت لور مغيزل، المحامية التي جعلت من القانون سلاحها الأمضى في الدفاع عن حقوق الإنسان، وعملت على تحديث تشريعاتنا لتنسجم مع احكام اتفاقية "سيداو"، كما آمنت بأن الإصلاح لا يكتمل ما لم تصن حقوق المرأة في صميم الدستور والقوانين".

‎وتابع: "لم يكن انخراط المرأة في السياسة مجرد سعي إلى تمثيل رمزي أو مقعد إضافي في البرلمان، بل كان فعل انتماء ومشاركة في صياغة مصير الوطن. فمنذ نهاية الحرب في لبنان، لعبت النساء دورا محوريا في إعادة البناء السياسي والاجتماعي، وكن في طليعة الحركات الطلابية والنقابية والمدنية التي طالبت بالإصلاح والمساءلة. ‏‎وكانت النساء في الساحات كما في المنابر، يهتفن ويكتبن وينظمن دفاعا عن الكرامة والعدالة وفكرة المواطنة الجامعة التي بها وحدها ينهض الوطن بين شركاء متساوين، نساء ورجالا. ‏‎ولكن، رغم هذا التاريخ العريق من النضال، يبقى تمثيل المرأة في البرلمان متدنيا إلى حد لا يعبر عن مكانتها الحقيقية في مجتمعنا، ولا عن حضورها الفاعل في الفكر والثقافة والإدارة. ‏‎فالواقع ان النساء لا تتمثل في المجلس النيابي، سوى بثماني نائبات من أصل 128، أي حوالى 6.3%، في حين يقترب المتوسط العالمي من 26%. فالفجوة واضحة، والخلل بنيوي".

واردف: "‎طبعا، العقبات ليست في غياب كفاءة النساء، بل في منظومة سياسية واجتماعية ما زالت تحكمها ذهنيات ماضوية، ذكورية ومتخلفة، مما يقوض إمكانات الإصلاح الحقيقي. ففي انتخابات 2022، تعرضت مثلا مرشحات كثيرات لحملات عنف رقمي وتحقير جندري، طالت شكلهن وصوتهن وأسلوب كلامهن، بل ووصلت أحيانا إلى مستوى التحريض الشخصي والجنسي. ‏‎لكن التحدي الحقيقي ليس فقط في صعوبة الوصول إلى الموقع، بل في كيفية تعاطي بعض رجال السياسة وبعض المجتمع مع المرأة قبل أن تصل، وحتى حين تصل".

وقال: "‏‎إن واجبنا اليوم هو كسر هذه المعادلة. ففي مكتبي اليوم، عدد النساء يفوق عدد الرجال. وفي حكومتي، هناك خمس وزيرات يعملن في مجالات مختلفة، من البيئة إلى التربية، ومن السياحة والشباب والرياضة إلى الشؤون الاجتماعية. وهن جميعا، صاحبات رؤية وكفاءة عالية. ‏‎لكن هذا لا يكفي، فالمطلوب سياسات وتشريعات تفتح بابا أكبر أمام النساء، لا بل تشجعهن على المشاركة الفاعلة في الحياة العامة. فتمكين المرأة في السياسة والإدارة العامة ليس منة، بل هو شرط أساسي لنهضة لبنان، وقيام دولة حديثة، دولة قانون ومؤسسات، دولة تحترم مبدأ المساواة التامة بين النساء والرجال".

اضاف: "‎وكانت "الهيئة الوطنية لقانون الانتخاب" التي ترأسها الوزير فؤاد بطرس، وكان لي شرف عضويتها وتكليفي بأمانة سرها، قد تبنت في مشروع القانون الذي وضعته عام 2006 حلا واقعيا لتذليل العقبات من أمام تمثيل المرأة في المجلس النيابي عبر إلزام اللوائح الانتخابية، ولدورتين انتخابيتين متتاليتين على الأقل، بأن تضم ثلث مرشحيها من النساء، من دون تقييد مذهبي أو مناطقي. ولو طبق هذا الإصلاح البسيط، لكنا قد شهدنا ارتفاعا حقيقيا في نسبة تمثيل المرأة، من دون الحاجة إلى تخصيص مقاعد لها في المجلس، سيما ان في ذلك ما يزيد الأمور تعقيدا في ظل التوزيع المذهبي والمناطقي الحالي للمقاعد النيابية. لكن التحدي أمام مشاركة نسائية أوسع، مشاركة تليق بتاريخ لبنان وبطموحاتنا، لا يقف، للأسف، عند السياسة وحدها، بل يتجاوزها إلى المجالين الاقتصادي والاجتماعي. فالمرأة لا تشكل سوى نحو 27.5% من القوى العاملة، مقابل حوالي 51% عالميا، كما تعود في لبنان اليوم اقل من 10% من ملكية الشركات الى النساء".

وتابع: "لعل الأهم هو انه لا يزال علينا أن نعمل بجدية تامة لحماية نسائنا وبناتنا من مشهد أكثر ظلما وظلامية، إذ ان النساء تشكل اليوم أكثر من 80% من ضحايا العنف الرقمي في لبنان، فضلا عن المعنفات في منازلهن، بسبب عقليات متخلفة لم تتغير بعد. وبهذا الخصوص، لا مجال لأي تهاون مع معنف أو متحرش، كائنا من كان، زوجا أو قريبا أو غريبا. وبالرغم من هذا الواقع، تبرز كل يوم مبادرات ونجاحات لنساء لبنانيات رائدات في شتى المجالات من التجارة الإلكترونية والذكاء الاصطناعي، الى الطب والعلوم وغيرها. ‏‎هن الأمل ولا بد للمستقبل ان يبتسم لهن".

وختم: "اسمحوا لي في الختام ان اتوجه الى كل نساء لبنان، لأدعوهن الى المشاركة الكثيفة في الانتخابات القادمة، ترشيحا واقتراعا، وانا واثق انهن لن يتخلفن عن هذا الموعد. ‏‎انه موعدنا جميعا مع التاريخ، لنصنع معا مشهدا مختلفا ومستقبلا واعدا. لكل نساء لبنان، كل التقدير والاحترام".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: