ب الصباحية: الحكومة أمام تحديات كبيرة.. فهل ستنجح في وقف الانهيار؟

331100

بغض النظر عما إذا كانت هذه الحكومة ستكرر تجارب ماضية، أم ستقدم تجربة جديدة على صعيد العمل الوزاري على عتبة الاستحقاق النيابي، ففي الحالتين يمكن الحديث عن 3 مهام رئيسية تنتظرها؛ الأولى وقف الانهيار والحد من تفاقم الأزمات، الثانية إطلاق المفاوضات مجدداً مع صندوق النقد الدولي لإدخال عملات أجنبية إلى البلد، والثالثة إدارة الانتخابات النيابية والحرص على إنجازها في موعدها.
ولعلّ أحداً لا ينكر ان الحكومة الميقاتية تضم عدداً من الخبرات في مجالات اختصاص متعددة بما ينسجم نسبياً مع مواصفات الخبراء في مجالات الإصلاح، ولكن لم يغب ابداً الطابع الغالب للحكومة بأنها نتاج تسوية ومحاصصة سياسية واسعة بين القوى المشاركة فيها، بما يعني ان التكنوقراط في تركيبتها هو تكنوقراط سياسي استولدته القوى السياسية والحزبية التي تشارك في محاصصة الحكومة والسلطة، وليس التكنوقراط المستقل الذي كان المطلب الأساسي للمبادرة الفرنسية كما للحراك الاجتماعي الداخلي ففرضت القوى السياسية مجدداً امرها الواقع على الجميع.
وإذا كان الرئيس ميقاتي لم يتأخر عن استدراك معرفة ما ينتظره الرأي العام من الحكومة والأولويات الإنسانية الأشدّ الحاحاً للناس التي تحدث عنها ميقاتي دامعاً فور اعلان الولادة، فان الحكومة الوليدة بدت حقيقة حمالة أوجه لجهة ميزان دقيق واكب ولادتها. فأي حكومة بعد 13 شهراً من التعطيل والانهيارات والكوارث والأزمات الدراماتيكية، ستكون أفضل مما كان عليه الوضع في ظل حكومة تصريف اعمال متآكلة. ولكن أي رهان مضخم على حكومة تحاصرها أسرار لم تنجل بعد وتجربة محاطة بالافخاخ يبدو ضرباً من التسرع المحفوف بالمغامرة. لذا ظهرت الحكومة في تركيبتها وتوزع وزرائها على الثمانيات الثلاث وتحت شعار التغني بعدم استحواذ أي فريق على الثلث المعطل، كأنها فعلاً تسوية نهاية العهد تماماً وليست فقط محدودة زمنياً بثمانية أشهر حتى أيار، موعد الانتخابات النيابية المقبلة. واما قصة الثلث المعطل فلم تطو ابداً بعد، اذ طاردت الشكوك العميقة الكثيرين ممن راحوا "ينقبون" في السير الذاتية العلنية وغير العلنية للوزراء الجدد وسط انطباعات غالبة بان رئيس الجمهورية وصهره رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل لم يخوضا معارك التعطيل في مواجهة ثلاثة رؤساء مكلفين طوال 13 شهرا مع إصرار ثابت على انتزاع الثلث المعطل، لكي يقبلا بسهولة أمس مرور تشكيلة حكومية لا "يختبئ" فيها وزير أو أكثر يؤمن الثلث المعطل المضمر والمقنّع. ثم ما الذي اقنع التيار الوطني الحر فجأة بالتخلي عن عناده بإزاء عدم التصويت للحكومة فصار موافقا على منحها الثقة؟ ولكن هذا الامر متروك للتجربة الاتية مع حكومة ستبدأ تواجه تحديات هائلة من الاثنين المقبل مع الجلسة الأولى لوضع البيان الوزاري وأولوياته الخطيرة.
ولعل أبرز التحديات التي ستواجهها الحكومة تتلخص في النقاط التالية:
أولًا – ملف التدقيق الجنائي ومصير حاكم مصرف لبنان: في الواقع هذا الملف هو ملف عزيز على قلب رئيس الجمهورية وبالتالي، لا نعلم ما إذا كان الرئيس نجيب ميقاتي سيسير باتجاه تحميل حاكم مصرف لبنان المسؤولية وإقالته من منصبه! عمليًا مثل هذه الخطوة، المطروحة بين رغبة رئيس الجمهورية وطموحات الرئيس ميقاتي ومصالح الفرنسيين، قد تأتي بسمير عساف – مرشح ماكرون – وهو ما يضمن الوصاية الفرنسية المالية على لبنان. يبقى القول ان الكلمة الفصل في هذا الملف هي للأميركيين الذين يحرصون أيضًا على مصالحهم.
ثانيًا – ملف قائد الجيش، ومدير قوى الأمن الداخلي، والنائب العام التمييزي، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، ومدير طيران الشرق الأوسط، ومدير مصلحة المناقصات: هذه المناصب، يرغب رئيس الجمهورية – ومن خلفه النائب باسيل – بإقالة شاغليها الحاليين لمصلحة تعيين أشخاص محسوبين عليهم. وهو إن حصل يعني فقدان كلّي لمصداقية حكومة ميقاتي. الجدير ذكره أن حيثية قائد الجيش الدولية، قد تمنع مثل هكذا خطوة.
ثالثًا – رفع الدعم: هذا الأمر الذي أصبح شبه واقعي سيكون على حكومة ميقاتي أن تُديره وتتحمّل غضب الناس الذي لن يتأخر بالظهور خصوصًا أن الرئيس ميقاتي قال البارحة انه يجب شدّ الأحزمة.
رابعًا – ملف التهريب عبر الحدود والذي هو من شروط صندوق النقد الدولي والذي قد يخلق اصطداما داخل حكومة ميقاتي في حال طُرح على طاولة مجلس الوزراء. هذا الملف ذو الأبعاد السياسية سيتطلّب تدخلا فرنسيًا – إيرانيًا لن تتأخر ملامحه في الظهور.

خامسًا – ملف المرفأ الذي يطمح الفرنسيون إلى إعادة إعماره، وهو ما قد يكون عقدة كبيرة نظرًا إلى تنافس دولي واضح على هذا المرفأ وما له من أهمية مُستقبلية في إعادة إعمار سوريا. وبحسب المعلومات، تمّ التشاور بين الفرنسيين وميقاتي حول هذا الموضوع.

سادسًا – توحيد سعر الصرف وهو ما سيُشكّل الضربة الكبرى للشعب اللبناني. فتوحيد سعر الصرف الذي هو مطلب لا رجوع عنه من قبل صندوق النقد الدولي يطرح مُشكلة الفقر في لبنان والذي بلغ مستويات عالية جدًا قد يكون من الصعب معها ضمان الاستقرار الأمني. من هنا يُطرح السؤال عن خطة ميقاتي في عملية توحيد سعر الصرف هذه!

سابعًا – إعادة هيكلة المصارف والتي تمّ طرحها من قبل حكومة الرئيس حسان دياب.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: