إلى النساء.. "Off Day" بسبب الدورة الشهرية

period

في ظل التحوّلات الاجتماعية والحقوقية التي يشهدها العالم، لا يزال لبنان متأخراً عن ركب الدول التي اعترفت بحق المرأة في إجازة مدفوعة خلال فترة الدورة الشهرية. فبينما خطت دول مثل إسبانيا واليابان خطوات جريئة نحو إقرار إجازات رسمية تؤمّن دعماً صحياً ونفسياً للمرأة في أيام تعاني فيها من تقلّصات حادّة أو إرهاق جسدي قد يمنعها من أداء عملها بشكل طبيعي، لا يزال هذا النقاش في لبنان محصوراً في دائرة "التفضّل" وليس "الحق".

إنّ تجاهل هذا الموضوع لا يعود إلى غياب الوعي الصحي فقط، بل إلى ثقافة اجتماعية ترى في ألم المرأة أمراً ثانوياً أو قابلاً للتجاهل، فيما الواقع الطبي والإنساني يؤكد العكس تماماً. لقد آن الأوان لإعادة فتح هذا الملف بجرأة، ولطرح تشريع يمنح النساء يومين إجازة شهرية على الأقل، يراعي احتياجاتهن من دون خوف من وصم أو استغلال.

تقول الدكتورة ليلى أبو عرم، وهي حكيمة نسائية منذ أكثر من 15 عاماً، إنّ "الحديث عن إجازة الدورة الشهرية ليس ترفاً، بل ضرورة صحية".

وأشارت د. أبو عرم الى أن "تعاني نسبة كبيرة من النساء من آلام حادة في أسفل البطن والظهر، إضافة إلى الدوخة والتقيؤ واضطرابات الهرمونات. بعض النساء لا يستطعن الوقوف ساعة متواصلة، فكيف يُطلب منهنّ العمل ثماني ساعات؟".

أضافت أن "الإرهاق الجسدي يجعل التركيز ضعيفاً، ما يخفض جودة العمل، وبالتالي تمنح الإجازة فرصة لعودة الموظفة بكامل طاقتها".

وأكدت أن "كثيرات يعانين من تقلبات مزاجية بسبب تغيّر الهرمونات، وإجبار المرأة على العمل رغم الألم يراكم الضغط النفسي ويزيد التوتر في بيئة العمل".

وأفادت بأن "الإجازة الرسمية تُخرج الموضوع من دائرة السرّ المحرج، وتجعله جزءاً طبيعياً من السياسات المؤسسية الداعمة للنساء".

من جهته، يوضح مدير شركة تسويق في بيروت تضم أكثر من 25 موظفة، ثلاث نقاط يرى أنها أساسية في هذا النقاش:

-             الخوف من الاستغلال: يشير إلى أن "بعض الإداريين في لبنان يتخوّفون من سوء استخدام الإجازة، لكنّه يؤكّد أنّ وجود نظام واضح وموثّق يمنع ذلك".

-             الاستمرارية التشغيلية: يشرح أن "منح يوم أو يومين إجازة شهرياً لن يؤثّر فعلياً على سير العمل إذا كانت المؤسسة منظّمة ولديها سياسة مرنة".

وقال إنّ "الموظفات اللواتي يشعرن ببيئة عمل داعمة يكنّ أكثر التزاماً وإنتاجية، وبالتالي تكون الإجازة استثماراً، لا خسارة".

أُجري استطلاع صغير شمل 40 فتاة بين 20 و40 عاماً، وجاءت نتائجه كالتالي:

-             78% قلن إنّهنّ يذهبن إلى العمل أو الجامعة وهنّ يعانين من ألم شديد.

-             65% شعرن بتراجع واضح في التركيز والإنتاجية خلال اليومين الأولين للدورة.

-             52% خفن من طلب إجازة خوفاً من "التنمّر" أو "السخرية".

-             87% أعربن عن دعمهنّ الكامل لإقرار إجازة رسمية مدفوعة.

إجازة الدورة الشهرية ليست مطلباً عاطفياً ولا محاولة لتمييز النساء، بل هي اعتراف إنساني وعملي بحقيقة بيولوجية لا يمكن إنكارها.

إنّ لبنان، الذي يتغنّى بحرية الفرد وكرامته، مدعوّ اليوم إلى اتخاذ خطوة تشريعية تُظهر احترامه لصحة النساء وحقوقهن، وتؤمّن بيئة عمل أكثر عدلاً وفعالية. فالمجتمع الذي يدعم نساءه، يدعم نصف قوّته، ويضمن لنفسه مستقبلاً أكثر توازناً وإنصافاً.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: