مع دخول إيران على خط السياسة المالية والنقدية في لبنان، والتلويح من قبل "حزب الله" بمواجهة قرارات السلطة النقدية المتمثلة بقرارات مصرف لبنان المركزي لضبط اقتصاد الكاش، بات من الملح توفير الحماية لحاكم مصرف لبنان كريم سعيد وليس فقط الحماية السياسية من قبل السلطة التنفيذية له.
وعلى الرغم من أن قرارات الحاكم تأتي من ضمن قرار سياسي عام بضبط الوضع المالي لإخراج لبنان من اللائحة الرمادية وتجنب تصنيفه على اللائحة السوداء، إلا أن "الحزب"، وهو المستفيد الأول من اقتصاد الكاش ومن استمرار عمليات تحويل الأموال خارج القطاع المصرفي، قد أعلن بشكل علني رفضه للإجراءات النقدية، وقرر المجازفة بواقع لبنان المالي والإعتراض على قرارات سعيد وصولاً إلى التهديد بتعطيل العمل بالضوابط التي حددها مصرف لبنان لأي عملية تحويل عبر شركات تحويل الأموال.
وفي هذا السياق، تلفت أوساط سياسية متابعة، إلى أن موقف "الحزب" التصعيدي والتدخل الإيراني في الشؤون الداخلية اللبنانية، يدق ناقوس الخطر داخلياً، وقد دفع إلى رفع الصوت من قبل وزير الصناعة جو عيسى الخوري، إلى مطالبة رئيس الجمهورية جوزاف عون، بأن تؤمن الحكومة، غطاءً يحمي حاكم مصرف لبنان ووزيري العدل عادل نصار والأشغال فايز رسامني، الذين يواجهون ومن دون أي تردد هذه الحملات المنظمة من قبل محور "الحزب" وطهران، في مطار بيروت أو في القطاع المالي.
فالإصلاح المالي هو شرط خارجي لاستعادة الثقة بلبنان، وهو مطلب داخلي، لأنه المدخل إلى استرجاع ودائع اللبنانيين وتحديد المسؤوليات عن انهيار العام 2019 وتحقيق التعافي الإقتصادي بعد الهيكلة المصرفية الشاملة.
وعن خلفيات تركيز "القوات اللبنانية" عبر طلب وزير الصناعة تأمين الغطاء لسعيد بوجه الحملات، فتقول الأوساط، إن الإصلاح يتطلب قراراً سياسياً حاسماً، وتتحمل مسؤوليته كل القوى السياسية التي تزايد كلامياً بالحديث عن إصلاح وشفافية ومحاربة تبييض الأموال، بينما تكتفي بالصمت عندما يرفع "الحزب" إصبعه مهدداً المسؤولين عن تنفيذ الإصلاحات والذين لا يخرجون عن الإجماع العام ويتحركون تحت سقف المصلحة الوطنية رغم كل التحديات.