لم يعُد التمايز المصطنع ينفع بين رئيس المجلس النواب نبيه برّي وحزب الله، لانّ الاستراتيجية واحدة ولا أحد قادر على نزعها، أما التمثيل فمضحك حين يعلن رئيس المجلس انه علمَ من وسائل الاعلام بأنّ السفير السابق سمون كرم عُيّن رئيساً للوفد اللبنانيّ المخوّل التفاوض مع إسرائيل، على الرغم من انه يعلم الشاردة والواردة واكثر بكثير من غيره، لكن برّي لم يهضم ذلك الديبلوماسي الآتي من لقاء قرنة شهوان وثورة الارز منذ 20 عاماً، وذلك السيادي الى أبعد الحدود والمقاوم السياسي للإحتلال السوري، والرافض لهيمنة السلاح الميلشياوي واللائحة لا تنتهي، والنتيجة انّ برّي قبلَ على مضض وصمت حاول تمريره فلم ينفع الحل، لذا ترك الرفض العلني لحزب الله وتحديداً لأمينه العام نعيم قاسم، ضمن خط يجمع الايجابية والسلبية علّها تنفع مع البيئة الشيعية حيث لا حول ولا قوة.
هذه العلاقة المعقّدة في العلن والمتفق عليها في الكواليس، والمتوترة من تحت الطاولة أحياناً اخرى بين برّي و"الحزب"، تهدف الى التذاكي على الجميع في ظل التحديات التي تواجه تحالفهما الاستراتيجي، وهنا لا بدّ ان نذكّر بأنّ اي تحالف من هذا النوع لا يمكنه ضبط الامور دائماً، لأنّ التوتر القائم وراء الخبايا يحتّم وجود الحذر حفاظاً على المصلحة المشتركة، مما يعني انّ التقلّب يسير بقوة حتى لو حاول الطرفان إخفاءه، لانّ كيل رئيس المجلس قد طفح من التركة الثقيلة، لذا يحاول تغطية الادوار لكن محاولته سقطت منذ ان فتحت الستارة عن تلك المسرحية الفاشلة، التي تنطلق دائماً من موقف إيجابي لبرّي يبتعد خلاله عن الألغام السياسية، لانه لا يريد تحمّل تداعيات اي سقطة، فيعمل بذكاء لافت مستعيناً بالقليل من التنازلات، طالما ولّى زمن الاستقواء لدى الحزب، المطلوب منه اليوم التعايش مع المستجدات التي قلبت وضعه رأساً على عقب، ووضعته في خانة سياسية لن يستطيع التأقلم معها، لأنه اعتاد التحكّم بالدولة من خلال سطوة الدويلة التي كان يتزعّمها على مدى عقود من الزمن.
في الختام لا بدّ من الإشارة الى انّ تعيين السفير كرم على رأس الوفد اللبناني المُكلّف التفاوض مع إسرائيل، شكّل محطةً مفصليةً حُظيت بقبول المعنيين الاساسيين، ولا شك انها توحي بتوجّه إيجابي بجدّية الدولة في سحب سلاح الحزب، والخطوات المرتقبة ستؤدي بالتأكيد الى تسليم السلاح.
انها بداية النهاية والحزب سلّم مصيره للأخ الأكبر لانه يعلم ما ينتظره..