رهان لبنانيّ حذر على كبح واشنطن للتصعيد قبل لقاء ترامب ـ نتنياهو

DAHYE3

كتب داود رمّال في "الأنباء الكويتيّة":

يتقدم الرهان اللبناني، الرسمي والضمني، على قدرة الإدارة الأميركية على لجم اندفاعة التصعيد الإسرائيلي، في لحظة إقليمية شديدة الخطورة تتقاطع فيها الحسابات العسكرية مع الاعتبارات السياسية، ولاسيما مع اقتراب القمة المرتقبة في التاسع والعشرين من الشهر الجاري بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

يقوم هذا الرهان على معطيات متراكمة تشير إلى أنّ واشنطن تقوم، حتى الآن، بدور الكابح لا المسرع، في مواجهة ضغط متواصل من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية للانتقال إلى مرحلة أوسع على الجبهة اللبنانية.

وقال مصدر سياسي: "لا يوحي المشهد داخل إسرائيل بتبدل في النيات، إذ إن الاستعدادات العسكرية قائمة والتسريبات المتعمدة تواصل الإيحاء بأن خيار الضربة الكبيرة ضد حزب الله حاضر على الطاولة، مع جهوزية عالية لسلاح الجو والقوى البرية. غير أن المستجد الأبرز، تمثل في بروز عامل ضغط أميركي واضح يفرض سقفاً على الحركة الإسرائيلية، ويدفع نحو حصر العمليات في إطار محدود ومحسوب بدل الانزلاق إلى حملة شاملة".

وأضاف المصدر: «الضغط الأميركي لا ينطلق فقط من حرص خاص على لبنان بقدر ما يعكس مقاربة أوسع لمنع انفجار إقليمي، حيث ترى واشنطن أن الأولوية هي اختبار ما تعتبره فرصة أخيرة أمام الحكومة اللبنانية لإظهار حد أدنى من القدرة أو الإرادة في مقاربة ملف سلاح حزب الله. ومن هنا، جرى الحديث عن مهلة زمنية تمتد حتى نهاية السنة وربما تمدد لشهر اضافي، تدار خلالها المواجهة بأسلوب عملياتي دقيق يقوم على ضربات موضعية وتجنب أي مناورة برية أو حملة جوية واسعة قد تفرض وقائع يصعب احتواؤها لاحقا».

ولفت المصدر إلى أنّ "المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لا تخفي قناعتها بأن هذا النهج لا يوقف فعليا عملية إعادة ترميم قدرات حزب الله، وخصوصا في مجالات الصواريخ والطائرات المسيرة، لكنها تصطدم بحساب أميركي مختلف يعتبر أن توسيع الضربات الآن سيفقد إسرائيل جزءا من شرعيتها الدولية ويحرج واشنطن في مرحلة تسعى فيها إلى ضبط الإيقاع لا تفجيره. وبناء عليه، تدار المواجهة الحالية كسباق مع الزمن بين ضغط إسرائيلي لتوسيع الهامش ومحاولة أميركية للإبقاء على سقف منخفض للتصعيد".

وبحسب المصدر "فإنّ الرسائل الأميركية لم توجه إلى تل أبيب فقط، بل نقلت أيضا عبر قنوات ديبلوماسية إلى بيروت وبغداد، في إطار مسعى للحفاظ على حد أدنى من الاستقرار الإقليمي. غير أن العقدة الأساسية، من وجهة نظر واشنطن وتل أبيب معا، تكمن في غياب مؤشرات جدية على قدرة الحكومة اللبنانية على الذهاب بعيدا في هذا الملف، إذ إن الموقف اللبناني يقوم على التحذير من أن أي تحرك مباشر ضد حزب الله قد يفتح الباب أمام مواجهة داخلية واسعة، وهذا هاجس لا يزال يحكم سلوك الدولة ومؤسساتها".

وأشار المصدر إلى أنّ "اللافت في الخطاب الأميركي هو الانتقال التدريجي من شعار نزع السلاح بالقوة إلى مقاربة الاحتواء ومنع الاستخدام، في اعتراف ضمني بأن فرض هذا الهدف بالقوة غير واقعي في المدى المنظور. وهذا التحول، لا يعني تخليا عن الضغط، بل إعادة صياغته بما ينسجم مع الوقائع الميدانية وحدود القدرة على فرض التغييرات".

ورأى المصدر أنّ "قمّة ترامب ـ نتنياهو تشكل محطة مفصلية، ليس لأنها ستنتج حلولا سحرية، بل لأنها ستحدد سقف الحركة الإسرائيلية في المرحلة المقبلة. فلبنان يقف اليوم بين نار التصعيد المحتمل وحدود الرهان على إدارة أميركية تمسك بخيوط التهدئة، لكن من دون ضمانات ثابتة. وما سيخرج عن هذه القمة قد يرسم، بشكل أو بآخر، ملامح المرحلة المقبلة على الجبهة اللبنانية، بين استمرار الكبح أو الانتقال إلى اختبار أكثر خطورة".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: