لا تقتصر العناية بالبشرة على الكريمات والمستحضرات الخارجية فحسب، بل تبدأ من الداخل، وتحديدًا من النظام الغذائي الذي نتبعه يوميًا. فصحة البشرة، ونضارتها، ومرونتها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بما نأكله، إلى جانب عوامل أخرى مثل الهرمونات، والنوم، والتوتر، والتعرض للتلوث والتدخين، وكلها عناصر تترك بصمتها الواضحة على الجلد.
يعتمد الحفاظ على بشرة صحية إلى حدّ كبير على اتباع نظام غذائي متوازن، ويُعدّ النظام المتوسطي من أبرز الأنظمة الداعمة لصحة الجلد، لكونه غنيًا بالفيتامينات، والمعادن، ومضادات الأكسدة التي تحمي خلايا البشرة من التلف. في المقابل، يؤدي الإفراط في تناول السكر إلى إضعاف ألياف الكولاجين والإلستين، ما يسرّع ظهور التجاعيد وعلامات الشيخوخة المبكرة، كما يُنصح بالتخفيف من اللحوم الحمراء والمصنّعة لما لها من تأثيرات سلبية على مرونة البشرة ونقائها.
بالنسبة للبشرة الجافة، فإنّ شرب الماء بكميات كافية يُعد خطوة أساسية، لكنه لا يكفي وحده. هذا النوع من البشرة يحتاج إلى دعم الطبقة الدهنية الواقية، وهو ما يتحقق من خلال تناول الأطعمة الغنية بالأحماض الدهنية. وتُعتبر أحماض أوميغا 3، الموجودة في زيت الزيتون والأسماك الدهنية مثل السالمون والماكاريل، عنصرًا أساسيًا في الحفاظ على ترطيب البشرة ومنع فقدان الماء من سطحها. كما تعاني البشرة الجافة غالبًا من نقص في الفيتامين A، ويمكن تعويضه من خلال أطعمة مثل صفار البيض، والكبدة، والزبدة، إضافة إلى الخضار والفواكه الغنية بالبيتاكاروتين كالجزر واليقطين والسبانخ.
أما البشرة الدهنية، فتتأثر بشكل واضح بنوعية الطعام، إذ أظهرت دراسات أن الإكثار من النشويات والمشروبات الغازية يؤدي إلى ارتفاع سريع في مستوى السكر في الدم، ما يحفّز إفراز الأنسولين ويزيد من إنتاج الدهون في البشرة. كما تشير أبحاث أخرى إلى أن منتجات الألبان قد تسهم في تفاقم حب الشباب بسبب تأثيرها على الهرمونات المحفّزة للإفرازات الدهنية.
ومع التقدم في العمر، تصبح البشرة أكثر حاجة إلى الفيتامينات التي تحارب الإجهاد التأكسدي الناتج عن أشعة الشمس والتلوث. ويبرز الفيتامين C كعنصر أساسي في هذا المجال، إذ يساعد على مكافحة الجذور الحرة وتعزيز إنتاج الكولاجين، الذي ينخفض طبيعيًا مع التقدم في السن. ويمكن الحصول على هذا الفيتامين من الحمضيات، والفراولة، والكيوي، والبروكلي، والبقدونس.
كما يلعب البروتين دورًا مهمًا في الحفاظ على كثافة الجلد، إذ يؤدي نقصه إلى ظهور تجاعيد عميقة، لا سيما في منطقة الجبهة. ويُعدّ الزنك والسيلينيوم من العناصر الضرورية لصحة البشرة، ولا يمكن الحصول عليهما إلا عبر الغذاء، سواء من اللحوم أو من مصادر نباتية مثل العدس، والفطر، وجنين القمح.
في النهاية، يتّضح أن البشرة مرآة لما نأكله، وأن الجمال الحقيقي يبدأ من الطبق قبل المرآة. فاتباع نظام غذائي صحي ومتوازن لا يحافظ فقط على صحة الجسم، بل يمنح البشرة إشراقها الطبيعي ويحميها من الشيخوخة المبكرة.