ما الذي تغيّر في عيد الميلاد؟

christmas - jesus

لماذا تغيّرَت فرحتُنا؟ لماذا لم نعُد نشعر ببهجة عيد الميلاد؟ أين ذهب دفْءُ العائلة والانتظار الصادق؟ أسئلة تتكرّر مع كلّ كانون. الشوارع تُزيَّن، الأضواء تلمع، لكنّ شيئاً في الداخل لا يشتعل. العيد حاضر في الشكل، لكنّه غائب في الإحساس. فهل خسرنا بهجة العيد أم ابتعدنا، نحن، عن جوهره؟

في هذا السياق، يؤكّد الأب الدكتور طوني الخوري، أنّ "عيد الميلاد لم يتغيّر، بل كان وسيبقى في جوهره عيداً وذكرى تجسّد ابن الله يسوع المسيح في تاريخ الإنسان".

ويشرح الأب الخوري، في حديث خاصّ إلى موقع LebTalks، أنّ "الله صار إنساناً ليعيد الإنسان، المفصول عنه بفعل الخطيئة، إلى مكانه الأصليّ: إلى قلب الله. فالتجسّد هو فعل محبّة مجانيّة، أخذ فيه الله المبادرة الأولى تجاه الإنسان، ليحرّره من ثقل الخطيئة ويمنحه الحياة الحقيقيّة".

ويشدّد على أنّ "جوهر العيد يُختصر بالمحبّة"، قائلاً إنّ "الله أحبّ الإنسان أوّلاً، وعلى الإنسان أن يُجيب هذه المحبّة بمحبّة مزدوجة: محبّة الله ومحبّة الإخوة. فالمحبّة تلخيصٌ لجوهر العيد. حين تضيع المحبّة، يضيع المعنى، ويتحوّل العيد إلى مظاهر خارجيّة بلا معنى".

ولا يُخفي الأب الخوري أنّ ثقافة الاستهلاك قادرة على "سرقة العيد من العيد"، إذ تُشوّش فكر المؤمنين وتُشتّت انتباههم عن "الحقيقيّ لمصلحة المزيّف".

وهنا تُبرز أهمّيّة الحياة الروحيّة، التي تُعيد الإنسان إلى الأساس، من دون أن يعني ذلك إلغاء الفرح أو الهدايا، بل وضعها في مكانها الصحيح كفعل محبّة نابع من الامتلاء بالمحبّة الإلهيّة، لا كغاية بحّد ذاتها.

رسالة الميلاد إلى الشباب

في عالم بات الاهتمام فيه للأشياء أكثر من الأشخاص، والمجد البشريّ أكثر من العبادة، يُشكّل عيد الميلاد تحدّياً إيمانيّاً حقيقيّاً، خصوصاً للشباب. فالصراع بين قيم الإيمان وقيم العالم يُضعف التجربة الروحيّة، ويجعل الفرح يبدو مؤجّلاً أو صعب المنال. لكن، بحسب الأب الخوري، "يبقى الميلاد فرصة للشبيبة المسيحيّة لتجديد الإيمان والالتزام بالمحبّة المسيحيّة.

فالشابّ المؤمن قادر، على الرغم من التحدّيات، على أن يكون نوراً في عالم مُظلم، على مثال نور المسيح الذي أتى ليمنح الإنسان الحياة والمحبة الحقيقيّة".

من هنا، يتوجّه الخوري إلى الشبيبة، قائلاً: "لا تدعوا التحدّيات تُبعدكم عن روح الميلاد. كونوا جزءاً من نور المسيح الذي يُضيء حياتكم وحياة الآخرين. صلّوا ولا تملّوا، لكي تستقبلوا المسيح في قلوبكم وتكونوا إشعاعاً له في العالم".

العيد.. عودة إلى الجوهر

من هنا، تُبرز الحاجة الملحّة إلى التوعية، وتذكير الجميع أنّ عيد الميلاد لا يُختصَر بالهدايا، ولا بالمظاهر، ولا بزحمة الأسواق، بل يكمن جوهره العميق في لقاءٍ حيٍّ مع الله. فالميلاد، تذكير بأنّ الله تجسّد، وصار إنساناً وسَكَن بينَنا. هو تذكير بالرحمة الإلهيّة. تذكير بـ"نَعَم" العذراء: الـ"نَعَم" التي غيّرت وجه التاريخ.

لذا، دعونا في هذه السنة، على الرغم من كلّ الظروف التي تعصف بالبلاد، نسترجع المعنى الحقيقيّ للعيد. لا تُلهينا التجارب والأمور الأرضيّة، بل نتمسّك بالجوهر الأساسيّ: ابن الله تجسّد وسَكَن بيننا.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: