كتب الكاتب والمحلل الجيوسياسي جورج أبو صعب: "إلى متى نبقى كلبنانيين ننتظر الخارج أن يقرر عنا مصيرنا؟ سؤال من بين عشرات الأسئلة التي يطرحها المواطن البسيط عند كل استحقاق خارجي، إقليمي أو دولي، عن حق ومنطق.
اليوم ينتظر لبنان لقاء ترامب – نتنياهو في ٢٩ الشهر الحالي ليرى ما ستكون عليه وجهة التطورات، في وقت أقنع لبنان نفسه بأنه قدم تسهيلات وتنازلات في لجنة الميكانيزم تقيه الحرب، على الأقل مؤقتًا، متناسياً أن الواقع الإقليمي والدولي بات في مكان آخر".
وتابع أبو صعب على حسابه عبر منصة "إكس": "لا يكفي إعلان لبنان الرسمي التزامه بموقف أو قرار أو خطة لحصر السلاح في أجواء "سوق عكاظ"، كل ينادي على هواه بالشيء ونقيضه: فرئيس الجمهورية في واد، ورئيس الحكومة في واد، وحزب الله المعني الأساسي بالقرارات الرئاسية والحكومية والدولية في واد آخر مختلف. الأول يعيد التذكير بقرار حصر السلاح، والثاني يعيد التشديد على تنفيذ القرار وفق آلياته، ليأتي الثالث وينسف كل ما يقوله الاثنين بموقف خشبي سلبي يكرر رفضه التسليم ويهدد على لسان نائب في كتلته بانفجار كبير لا يبقي على شيء… فكيف يمكن للآخرين أن "يقبضوا" على دولتنا جدياً؟
نتنياهو، شئنا أم أبينا، ورغم كل الخلافات الداخلية في إسرائيل والانقسامات السياسية والمعارضات ضده، يذهب إلى لقاء الرئيس ترامب متسلحًا بموقف واحد ودولة واحدة ورؤية واحدة، فيما رؤساؤنا، مع محبتنا واحترامنا، "يتكتكون"، كما يقال بالعامية، حول سفير في الميكانيزم من هنا، وإعلانات حول إتمام سحب السلاح من جنوب الليطاني، لا ندري كيف، وإسرائيل يوميًا تقصف أهدافًا عسكرية جنوب الليطاني أكثر من أي منطقة أخرى".
وشدد على أن "هذه الحالة المتشرذمة لا يمكن البدء بإصلاحها سريعًا إلا بعودة التكامل والانسجام بين الرؤساء.
فضبط عقارب الساعة يبدأ من أركان الدولة أنفسهم أولًا، لتوحيد الرؤى والأساليب والعمل الحكومي… والأمني… ثم الانتقال بلا خجل إلى البحث المعمق مع الأميركيين مباشرة في كيفية حل المشكلة بين لبنان وإسرائيل بالمباشر، لما فيه مصلحة الدولة والشعب العليا، بدل "العلك" والمماطلة وتدوير الزوايا".
أضاف: "لا الأميركي يحترمنا، ولا حتى أشقاؤنا الخليجيون، وفي طليعتهم إخوتنا في المملكة العربية السعودية، ونحن نتعثر ونتلعثم كلما جوبهنا بطلب مباشر من هنا أو موقف متشدد من هناك… فلماذا أترك نتنياهو يقرر مصيري؟ ولماذا يكون لبنان على أجندة اللقاء المرتقب بغياب ديبلوماسية لبنانية موازية، خاصة وأن لدينا، ولأول مرة منذ عقود، وزير خارجية سيادي، شريف وجريء، لبناني صافي ٢٤ قيراط، ترفع له القبعة، يمكن الاتكال عليه لتقويم اعوجاج دبلوماسيتنا العرجاء…
نتنياهو يريد الاستحصال من الرئيس ترامب على ضوء أخضر ضد حزب الله، خاصة مع وجود أدلة على قيام الحزب بإعادة بناء قدراته، واستمرار الحزب في عناده برفض تسليم سلاحه. وقد سلف نتنياهو لترامب ملف غزة، في مقابل أن يسلفه ملف الحزب ولبنان، خاصة وأن نتنياهو على أبواب انتخابات تجعله بحاجة لتحقيق انتصار في لبنان".
وتابع أبو صعب: "الرئيس ترامب قد يوافق بمنح نتنياهو الرخصة بالقيام بضربات عسكرية نوعية ضد الحزب، لكن دون الوصول إلى حرب شاملة، لأن واشنطن تسعى لتفعيل المفاوضات بين لبنان وإسرائيل ونقلها إلى مستوى متقدم، ولو أنها متفقة مع الإسرائيلي على اعتبار إخراج التأثير الإيراني من المنطقة، ومن لبنان مفتاح الحلول وإعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد والوضع اللبناني، إلا أن الأميركي يخشى من إضعاف السلطة اللبنانية الحالية.
ولذا فهي بين موافقة على ضربات عسكرية نوعية أو جراحية، وبين عدم السماح بوصول الأمور إلى حد إضعاف السلطة اللبنانية الحديثة العهد من خلال شن حرب واسعة على لبنان.
فبين هذا وذاك، أين الدبلوماسية اللبنانية الفاعلة والقرار الرئاسي والحكومي الفاعل، ليكون للبنان كلمته وموقفه؟".