كتب جورج أبو صعب
استنتاجات وخلاصات كثيرة يمكن تظهيرها من احداث وزيول وتداعيات الاحداث الأخيرة في الطيونة وعين الرمانة – خاصة بعدما تكشفت الحقائق تباعا يوما بعد يوم منذ الاحداث المذكورة وبدأت خيوط المشهد تتبلور وتتضح .
وجاء خطاب امين العام الحزب السيد حسن نصرالله الأخير – ليؤكد أمور وحقائق كثيرة نستعرض أهمها :
أولا : ارتكاب الأمين العام اخطأ خطيرة في توصيف القوات اللبنانية ورئيسها توصيفا ابعد ما تكون منه القوات والدكتور جعجع باعتراف حتى خصوم القوات اللبنانية - وتوصيف خلفية خوف غير موجودة لدى المسيحيين ونسبتها الى القوات غير المعنية أساسا بخطاب التخويف وابداء القلق – والذي هو خطاب الحليف المسيحي لحزب الله أي التيار الوطني الحر – الذي لطالما رفع الشعارات المسيحية من إستعادة حقوق مبهمة وضمان امن المسيحيين … الى ما هنالك مما تكشفه عشرات المداخلات والتصاريح والمؤتمرات الصحفية لكل من العماد ميشال عون يوم كان في الرابية وصهره الوزير جبران باسيل والتي لا يبدو انها ازعجت الأمين العام بقدر انزعاجه من الخطاب الوطني الجامع للقوات ومن الانفتاح القواتي على كافة المكونات اللبنانية ونضالها في سبيل بناء دولة قوية وجمهورية المؤسسات والدستور .
ثانيا : بدا كلام الأمين العام لوهلة وكأنه يوجهه الى غير القوات اللبنانية – بسبب ما حملها من اتهامات ابعد ما تكون منها القوات - خاصة على صعيد التجييش الذي يدعيه للمسيحيين وللمناطق التي شهدت الاحداث الأخيرة – مطلقا سلسلة من السيناريوهات الخيالية عن تحضيرات وتنظيم وهيكلية وغيرها – مما لا اثر لها قواتيا على ارضى الواقع .
وكأن الأمين العام للحزب يتناول بالاسم القوات وانما يستهدف فعليا فريق اخر – على طريقة نحكي الجارة لتسمع الكنة - قد يكون في مكان ما التيار الوطني الحر الذي هو من خزله عدة مرات ولا سيما أخيرا في موضوع تحقيقات المرفأ والتمسك بالمحقق طارق البيطار خاصة وانه خص في خطابه الوزير سليمان فرنجية بالمديح والاطراء دون ذكر التيار الوطني الحر وجبران باسيل تحديدا – او بكل بساطة كأنه لا يعرف عين الرمانة والطيونة وبدارو وتاريخهم وحقيقة اللون السياسي لسكان تلك المناطق اب عن جد – منذ اندلاع الحرب الاهلية في العام 1975 سواء كانت القوات منظمة ومهيكلة ومتواجدة تنظيميا ام لا .
وامتاز خطابه بدرجة عالية من انعدام المصداقية وغياب الأدلة على اتهامه القوات باضرام حرب أهلية – في وقت أجمعت التحقيقات على دحض رواية الثنائي الشيعي حول احداث الطيونة وتورط القوات المنظم فيها تخطيطا مسبقا وتنفيذا وقنصا وكمينا … وتوج هذه المعلومات وزير الدفاع نفسه بنفيه حصول كمين ضد المتظاهرين مرورا بعشرات الفيديوهات والربورتاجات ( ومنهاربورتاج تلفزيون الجديد غير القواتي حول حقيقة القناصين في المبنى الذي اتهم الثنائي القوات بانطلاق اعمال القنص منها والتي اظهر التحقيق المتلفز تواجد عناصر من الجيش اللبناني على ذلك السطح ).
ثالثا : كان كلام الأمين العام مرسلا سرديا غير مستند لا الى منطق ولا الى واقع – وبخاصة عندما اتهم القوات اللبنانية بتحالفهم مع داعش واخواتها – وقد نسي انه هو وحزبه من انقذ الدواعش من الموت الحتمي عندما نظم لهم ولاسرهم خروجا بالباصات الى العراق وسبب في رفض العراق الرسمي استقبالهم أيام حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي آنذاك .
وفي هذه الحيثية افتقد كلام الأمين العام للمصداقية والترابط المنطقي – اذ كيف يتهم القوات بكونها حليفة المملكة العربية السعودية وفي نفس الوقت تكون القاعدة وداعش ومتفرعاتهم ساكنين ايران وقد قتل منذ أيام الرجل الثاني من قيادات القاعدة في ايران – فهل يكون الدكتور جعجع حليف ولي نعمة الحزب الإيراني ضد الحزب ؟ او هل تكون القوات المتهمة بتحالفها مع السعوديين تتأمر على المملكة من خلال تمويل وتسليح الفصائل المتطرفة لضرب المملكة .
رابعا : اذا كان من فريق يبشر بالحرب الاهلية ويريدها فهو حزب الله أولا واخرا – وبما ان الحرب لا تقوم من طرف واحد – وبما ان التصويب على خصم يستوجب ان يكون الفريق العصي على سيطرة ايران على لبنان والمقاوم لتلك السيطرة وغير المهادن معها – فالطبيعي ان تتوجه أصابع الاتهام الى القوة الصلبة الوحيدة التي لم تخضع ولم تخنع للحزب : القوات اللبنانية – والتي وبالإضافة الى ذلك تهدد مكاسب حلفاء الحزب المسيحيين في الانتخابات النيابية المقبلة .
لكن الأمين العام فاته ان القوات اللبنانية لا تزال تراهن على الجيش والقوى الأمنية الشرعية لحماية البلاد والعباد ولمنع انزلاق الدولة الى التفكك – ولمنع حدوث حرب أهلية – فبيانات وتصاريح القوات وقيادييهم وعلى راسهم الدكتور جعجع حافلة بدعم الجيش والثقة بالدولة والقضاء ورفض الحرب الاهلية وانهاء ظاهرة السلاح المتفلت وسلاح حزب الله بمكوناته وفائض القوة المدمرة .
خامسا : على افتراض جدلي بصحة اتهامات الأمين العام للقوات بانهم يريدون حربا أهلية - واذا كان للحزب 100 الف مقاتل فلماذا الغضب والعصبية ضد القوات اللبنانية التي معها 15 الف مقاتل ؟
لا بل من يريد السلم الأهلي في لبنان لا يهدد اللبنانيين بانه يمتلك 100 الف مقاتل ولا يهدد مع ابواقه الإعلامية بالويل والثبور وعظائم الأمور ان لم تتم تنحية المحقق العدلي طارق البيطار – وقد بلغ الامر لدى احد الابواق الإعلامية للحزب – في مقابلة متلفزة على الجديد بالقول ان استمرار التحقيق في ملف تفجير المرفأ سيفجر لبنان … وبوق اعلامي اخر بقوله ان المحقق بيطار ادخل لبنان في المجهول واحد النواب المتهمين علي حسن خليل بالقول ان كل الاحتمالات واردة من تصعيد سياسي او من نوع اخر اذا لم يتنحى المحقق بيطار مرورا بالرسائل الصوتية بحملات التعبئة لدى الثنائي الشيعي لكوادره وهيكلياته التنظيمية تحضيرا ل 7 أيار جديد والطلب من المحازبين الحركيين عدم مغادرة بيروت عشية احداث 13 تشرين .
فاين القوات من كل هذا التجييش والتهديدات للثنائي ؟ ومن يهدد السلم الأهلي ؟ ومن بات خطرا على السلم الأهلي ؟ بالتأكيد الثنائي الشيعي وفي طليعته حزب الله – الذي باتت لعبته مكشوفة وحساباته محشورة وهو بحاجة لخصم داخلي يلصق به كل التهم وينسب اليه موبقاته هو – كي يشد العصب ويجيش قواعده الشعبية تمهيدا لمحاولة تحجيم الخصم المسيحي المقاوم العنيد .
وبالخلاصة – سقط حزب الله وامينه العام في امتحان الطيونة وعين الرمانة ولم تتحقق اهدافهما يوم 13 تشرين الأول – فالحقيقة بانت والتحقيقات لم تتوصل الى أي دليل على تورط القوات في ما حصل وكل ما يحكى عدا ذلك زر للرماد في العيون – فالحزب وامينه العام في ورطة مصيرية بموضوع التحقيقات العدلية بانفجار المرفأ ومجالات المناورة ضاقت جدا – وحتى حلفاؤه المسيحيين ونعني عون وباسيل تحديدا يخالفان طلبه بتنحية البيطار والحكومة الجديدة في مهب الريح …
الحزب في مأزق والتصويب على القوات اللبنانية يعطيه بعضا من الاوكسجين لكن الى حين … وهو يبدو غافلا ان اعلان معاداته للقوات اللبنانية يعني عمليا إعلانه الحرب على اكثر من ثلثي لبنان السيادي والرافض لهيمنته على البلاد والدولة ومن كل الطوائف – فسجل الحزب حافل بالصدامات مع كافة الطوائف والمكونات اللبنانية والحروب الاهلية الصغيرة التي خاضها ضد اللبنانيين الشرفاء والسياديين
ويبقى السؤال المحير : طالما ان لحزب الله 100 الف مقاتل وكل هذا الجبراووت فلماذا وبدل الاعتداء على اللبنانيين وتجييش الصدام والنعرات الطائفية وتهديد السلم الأهلي بهم – لا يهاجم إسرائيل ويمارس فائض قوته عليها ؟
في 20/10/2021