قد تكون الضحية المباشرة لعاصفة الخلافات مع دول الخليج، حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في المدى القريب، ولكن الضحية غير المباشرة ربما تكون الإنتخابات النيابية المقبلة، والتي دخلت رسمياً إطار التجاذبات السياسية وعملية "عضّ الأصابع" الجارية منذ أشهر، وتحت عناوين مختلفة نيابية وأمنية ومالية، وصولاً إلى العنوان الإنتخابي اليوم بعدما أصبح قانون الإنتخاب نافذاً حكماً بعد التعديلات التي كان رفض رئيس الجمهورية ميشال عون المصادقة عليها، بسبب "مخالفات" دستورية وقانونية، من المتوقّع أن يعيد طرحها "التيار الوطني الحر" في كتاب الطعن الذي يستعد لرفعه إلى المجلس الدستوري في الأسبوعين المقبلين، وفق ما كشفت أوساط نيابية مواكبة لهذا الملف.
وقد وجدت هذه الأوساط، أن الهدف الأساسي والرئيسي اليوم أمام الكتل النيابية، باستثناء كتلة "لبنان القوي"، هو إجراء الإنتخابات النيابية في أقرب موعد زمني ممكن ومتاح، وذلك من أجل تأمين الوسائل الديموقراطية لإعادة تشكيل السلطة والخروج من واقع الأزمات المتراكمة، وذلك، بصرف النظر عن أية "حجج" أو اعتراضات لا ترتقي إلى مستوى تأخير الإستحقاق النيابي، أو تهديده، من خلال إعادة فتح باب النقاش في المجلس الدستوري، وبالتالي، تعريض العملية الإنتخابية برمّتها للخطر، وربما تأجيلها لبضعة أشهر، لأهداف لم تعد خافية على أي فريق سياسي يستعد لخوض غمار المعركة الإنتخابية في آذار المقبل.
ووسط سيل الإنتقادات والحملات والبيانات الرافضة للتعديلات التي أدخلها المجلس النيابي على قانون الإنتخاب الحالي، وذلك من قبل مسؤولي وقيادة "التيار الوطني"، رفضت الأوساط النيابية نفسها، حصول أي طعن قد يجري تقديمه تحت عنوان "تفخيخ الإنتخابات النيابية"، موضحة أن كل الأطراف السياسية تكاد تكون متساوية من حيث الواقع الشعبي والرفض الذي يتظهّر بشكل يومي من قبل كل مجموعات الإنتفاضة الشعبية والمجتمع المدني، لأية انتخابات تعيد إإنتاج السلطة الحالية، وبالتالي، فإن قرار المحاسبة في الإنتخابات النيابية، سوف ينسحب على كل الكتل النيابية لجهة حجم التمثيل، مع العلم أن بعض الكتل الحالية لم تلحظ أية تبدّلات جوهرية في مزاج قاعدتها الشعبية، بصرف النظر عن التطوّرات المستجدة على صعيد الأزمة الإقتصادية الحادة التي تعصف بكل فئات الشعب اللبناني ولأي طائفة أو حزب أو تيار انتموا.
ومن هنا، شدّدت هذه الأوساط، على ضرورة إجراء الإنتخابات النيابية، وفي المواعيد التي حدّدها قانون الإنتخاب، ذلك أن أي تأخير لا بدّ وأن ينعكس بشكل فائق السلبية على كل القوى السياسية، لأنه سوف يؤدي إلى تنامي الضغط الدولي على لبنان، وزيادة وتعميق الأزمة المالية والإقتصادية، بسبب توقف أي دعم خارجي مرتقب، خصوصاً بعدما بات جلياً للجميع بأن أي مساعدة من المجتمع الدولي، هي مرهونة بانتظام الحياة الديموقراطية وبالتالي عدم "تطيير " الإنتخابات النيابية، وهو ما تحذّر منه، بشكل شبه يومي، كل عواصم القرار الغربية، والتي يكرّر موفدوها إلى بيروت على أولوية الإستحقاق النيابي، مع العلم، أن الإستعدادات العملية لهذه الإنتخابات تنطلق يوم الإثنين المقبل في وزارة الداخلية من خلال اجتماعات تعقد برعاية الأمم المتحدة، وبمشاركة ممثلين عن المنظمات الدولية المواكبة لهذا الإستحقاق.
