حبس اللبنانيون أنفاسهم مع سماع دوي انفجار الذخائر في مستودع للأسلحة في مخيم البرج الشمالي في صور، إذ اعتبر الكثيرون أن التصعيد السياسي والإنسداد في أفق التفاهمات والتسويات الهادفة إلى تفعيل الحكومة المشلولة، قد بدأ يسلك طريقه نحو الترجمة في الشارع ولو في صور حيث لا تزال الأسباب غامضة وراء اندلاع الحريق أولاً وامتدادها إلى مستودعٍ للذخيرة ثانياً، وذلك على حدّ قول أوساط سياسية واسعة الإطلاع، باتت تقرأ في تدحرج الوضع نحو الاسوأ، في كلّ مرة تلوح فيها ملامح تسوية تسمح بفتح الباب أمام عودة الثنائي الشيعي إلى طاولة مجلس الوزراء، حيث تراكم قرابة المئة وخمسين ملفاً، مخططاً لنسف أي فرصة للمعالجة والإنقاذ وبالتالي الضغط باتجاه استقرار معادلة المراوحة المفتوحة على الإنهيار في كل القطاعات، وعلى وجه الخصوص في المؤسسات العامة التي باتت تواجه تحدي البقاء والإستمرار في ظلّ ظروف صعبة وتكاد تكون “بدائية”.وتكشف الأوساط عن أن ما يحصل من تدهور مالي واجتماعي واقتصادي وصولاً إلى الأنهيار الشامل، ليس صدفةً، بل هو يأتي في سياق سيناريو مرسوم بعناية للوصول إلى واقع الأرض المحروقة وبالتالي، البناء على قواعد الأمر الواقع الجديد، وفرض تسوية سياسية شاملة تحمل طابع “السلّة” من التفاهمات على الإستحقاقات المقبلة، من إنتخابية ورئاسية، وصولاً إلى الإجراءت الإصلاحية والتي تبدأ بتوقيع برنامج مع صندوق النقد الدولي، وإطلاق خطة التعافي وفق قواعد علمية وموضوعية، منعزلة عن الإعتبارات السياسية والنفوذ الذي تسعى القوى السياسية ، إلى تكريسه في لعبة التجاذبات الإقليمية .وعلى هذا الأساس تلفت هذه الأوساط، إلى المقاربة الفرنسية للواقع الداخلي، والتي تهدف إلى تطويق هذا المخطط، وذلك من خلال دينامية خليجية، انطلقت مع جولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في دول الخليج، والتي لا تنفصل عن الإتجاهات الأميركية في المنطقة، والتي تركّز على أولويتي ترسيم الحدود والإصلاح واستقرار الوضع الأمني.لكن حظوظ نجاح هذه الدينامية لا تزال غير واضحة، لأن الأنظار مشدودة على حبل المساومات الجارية في فيينا والتي ستحدد مسار الملفات في المنطقة وفي مقدمها الملف اللبناني، حيث تعتبر الأوساط نفسها، أنه من المبكر توقع أية انفراجات في المدى المنظور.
